ونبين ذلك بثلاثة فصول .
الفصل الأول :
في الواجبات والسنن الظاهرة واللوازم بإفساده .
أما الواجبات الظاهرة فستة .
الأول فإن غم فاستكمال ثلاثين يوما من شعبان . مراقبة أول شهر رمضان وذلك برؤية الهلال
ونعني بالرؤية العلم ويحصل ذلك بقول عدل واحد ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة .
ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزمه الصوم ، وإن لم يقض القاضي به ، فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه
الفصل الأول في الواجبات والسنن الظاهرة واللوازم بإفساده
التالي
السابق
والكلام على جملة المفطرات في شروع كل صوم على الاختصار والتقريب (وتبين ذلك بثلاثة فصول) :
(الفصل الأول : في الواجبات والسنن الظاهرة واللوازم بإفساده ، أما الواجبات الظاهرة فستة) :
(الأول مراقبة) أي انتظار (أول شهر رمضان) وذلك بالتماس هلاله في ليلة الثلاثين من شعبان ؛ لأن كما في الخبر : الشهر هكذا وهكذا وهكذا من غير خنس . يعني ثلاثين يوما ، فيجب طلبه لإقامة الواجب (فإن غم) بعلة كالغيم والغبار ونحوهما (فباستكمال العدة ثلاثين يوما من شعبان) لما في الشهر قد يكون تسعة وعشرين يوما من حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال : ابن عمر . وللحديث ألفاظ أخر في الصحيحين [ ص: 196 ] لا تصوموا رمضان حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فكملوا العدة ثلاثين ، وقال فمن رأى الهلال بنفسه لزمه الصوم ، ولا يتوقف على كونه عدلا : عطاء بن أبي رباح .. أ هـ . . لا يصوم إلا برؤية غيره معه
وكذا إذا لم يره بنفسه ولكن أخبر به ، فحصل له به العلم ، وإليه أشار بقوله (ونعني بالرؤية العلم) الشرعي الموجب للعلم ، وهو غلبة الظن ، وكذا صرح به أصحابنا أيضا لا بمعين اليقين كما ذهب إليه بعض أصحابنا (ويحصل ذلك) العلم (بقول عدل واحد) على الأظهر المنصوص في أكثر كتب . القول الثاني : لا بد من اثنين . الشافعي
قال الأسنوي : وهذا هو مذهب المتأخر ؛ ففي الأم : الشافعي . ونقل لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان البلقيني أن رجع بعد فقال : لا يصام إلا بشاهدين . فإن قلنا : لا بد من اثنين فلا مدخل لشهادة النساء والعبيد ، ولا بد من لفظ الشهادة ، ويختص بمجلس القضاء ، ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى ، ويكفي في الشهادة : أشهد أني رأيت . كما صرح به الشافعي في صلاة العيد ، الرافعي والروياني ، وغيرهما . فإن قبلنا الواحد فهل هو بطريق الرواية ؟ أم الشهادة ؟ وجهان أصحهما شهادة . فلا يقبل قول العبد والمرأة ، نص عليه في الأم ، وإن قلنا رواية قبلا ، وهل يشترط لفظ الشهادة ؟ قال الجمهور : هو على الوجهين في كونه رواية أو شهادة . وقيل : يشترط قطعا . وإذا قلنا رواية ، ففي الصبي المميز الموثوق به طريقان ؛ أحدهما على الوجهين في . والثاني وهو المذهب الذي قطع به الأكثرون بأنه لا يقبل (ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة) وقال قبول رواية الصبي أبو ثور : يقبل فيه قول واحد .
قال صاحب التقريب : ولو قلت به لم أكن مبعدا (ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزم الصوم ، وإن لم يقض القاضي ، فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه) وبه قال وصاحب التهذيب ، ولم يفرعوه على شيء ، ومثله في المجموع بزوجته وجاريته وصديقه ، وقال ابن عبدان إمام الحرمين وابن الصباغ : إذا أخبره موثوق به بالرواية لزمه قبوله وإن لم يذكره عند القاضي ، وفرعاه على أنه رواية ، واتفقوا عل أنه على القولين جميعا ، ولكن إن اعتبرنا العدد اشترطنا العدالة الباطنة ، وإلا فوجهان جاريان في رواية المستور ، ولا فرق على القولين بين أن تكون السماء مصحبة أو مغيمة ، لا يقبل قول الفاسق ؟ فيه طريقان ؛ أحدهما على قولين كالحدود ؛ لأنه من حقوق الله تعالى ، وأصحهما القطع بثبوته كالزكاة وإتلاف حصر المسجد ، وإنما القولان في الحدود المبنية على الإسقاط فعلى هذا عدد الفروع مبني على الأصول ، وإن اعتبرنا العدد في الأصول فحكم الفروع حكمهم في سائر الشهادات ، ولا مدخل للنساء والعبيد وإن لم يعتبر العدد ، فإن قلنا طريقه الرواية فوجهان ، أحدهما : يكفي واحد لرواية الأخبار ، والثاني : لا بد من اثنين . وهل يثبت هلال رمضان بالشهادة على الشهادة
قال في التهذيب : وهو الأصح ؛ لأنه ليس بخبر عن كل وجه ، بدليل أنه لا يكفي أن يقول : أخبرني فلان عن فلان أنه رأى الهلال ، فعلى هذا هل يشترط إخبار حرين ذكرين ؟ أم يكفي امرأتان وعبدان ؟ وجهان ، أصحهما الأول ، وإذا قلنا طريقه الشهادة ، فهل يكفي واحد ؟ أم يشترط اثنان ؟ وجهان . وقطع في التهذيب باشتراط اثنين .
(الفصل الأول : في الواجبات والسنن الظاهرة واللوازم بإفساده ، أما الواجبات الظاهرة فستة) :
(الأول مراقبة) أي انتظار (أول شهر رمضان) وذلك بالتماس هلاله في ليلة الثلاثين من شعبان ؛ لأن كما في الخبر : الشهر هكذا وهكذا وهكذا من غير خنس . يعني ثلاثين يوما ، فيجب طلبه لإقامة الواجب (فإن غم) بعلة كالغيم والغبار ونحوهما (فباستكمال العدة ثلاثين يوما من شعبان) لما في الشهر قد يكون تسعة وعشرين يوما من حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال : ابن عمر . وللحديث ألفاظ أخر في الصحيحين [ ص: 196 ] لا تصوموا رمضان حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فكملوا العدة ثلاثين ، وقال فمن رأى الهلال بنفسه لزمه الصوم ، ولا يتوقف على كونه عدلا : عطاء بن أبي رباح .. أ هـ . . لا يصوم إلا برؤية غيره معه
وكذا إذا لم يره بنفسه ولكن أخبر به ، فحصل له به العلم ، وإليه أشار بقوله (ونعني بالرؤية العلم) الشرعي الموجب للعلم ، وهو غلبة الظن ، وكذا صرح به أصحابنا أيضا لا بمعين اليقين كما ذهب إليه بعض أصحابنا (ويحصل ذلك) العلم (بقول عدل واحد) على الأظهر المنصوص في أكثر كتب . القول الثاني : لا بد من اثنين . الشافعي
قال الأسنوي : وهذا هو مذهب المتأخر ؛ ففي الأم : الشافعي . ونقل لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان البلقيني أن رجع بعد فقال : لا يصام إلا بشاهدين . فإن قلنا : لا بد من اثنين فلا مدخل لشهادة النساء والعبيد ، ولا بد من لفظ الشهادة ، ويختص بمجلس القضاء ، ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى ، ويكفي في الشهادة : أشهد أني رأيت . كما صرح به الشافعي في صلاة العيد ، الرافعي والروياني ، وغيرهما . فإن قبلنا الواحد فهل هو بطريق الرواية ؟ أم الشهادة ؟ وجهان أصحهما شهادة . فلا يقبل قول العبد والمرأة ، نص عليه في الأم ، وإن قلنا رواية قبلا ، وهل يشترط لفظ الشهادة ؟ قال الجمهور : هو على الوجهين في كونه رواية أو شهادة . وقيل : يشترط قطعا . وإذا قلنا رواية ، ففي الصبي المميز الموثوق به طريقان ؛ أحدهما على الوجهين في . والثاني وهو المذهب الذي قطع به الأكثرون بأنه لا يقبل (ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة) وقال قبول رواية الصبي أبو ثور : يقبل فيه قول واحد .
قال صاحب التقريب : ولو قلت به لم أكن مبعدا (ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزم الصوم ، وإن لم يقض القاضي ، فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه) وبه قال وصاحب التهذيب ، ولم يفرعوه على شيء ، ومثله في المجموع بزوجته وجاريته وصديقه ، وقال ابن عبدان إمام الحرمين وابن الصباغ : إذا أخبره موثوق به بالرواية لزمه قبوله وإن لم يذكره عند القاضي ، وفرعاه على أنه رواية ، واتفقوا عل أنه على القولين جميعا ، ولكن إن اعتبرنا العدد اشترطنا العدالة الباطنة ، وإلا فوجهان جاريان في رواية المستور ، ولا فرق على القولين بين أن تكون السماء مصحبة أو مغيمة ، لا يقبل قول الفاسق ؟ فيه طريقان ؛ أحدهما على قولين كالحدود ؛ لأنه من حقوق الله تعالى ، وأصحهما القطع بثبوته كالزكاة وإتلاف حصر المسجد ، وإنما القولان في الحدود المبنية على الإسقاط فعلى هذا عدد الفروع مبني على الأصول ، وإن اعتبرنا العدد في الأصول فحكم الفروع حكمهم في سائر الشهادات ، ولا مدخل للنساء والعبيد وإن لم يعتبر العدد ، فإن قلنا طريقه الرواية فوجهان ، أحدهما : يكفي واحد لرواية الأخبار ، والثاني : لا بد من اثنين . وهل يثبت هلال رمضان بالشهادة على الشهادة
قال في التهذيب : وهو الأصح ؛ لأنه ليس بخبر عن كل وجه ، بدليل أنه لا يكفي أن يقول : أخبرني فلان عن فلان أنه رأى الهلال ، فعلى هذا هل يشترط إخبار حرين ذكرين ؟ أم يكفي امرأتان وعبدان ؟ وجهان ، أصحهما الأول ، وإذا قلنا طريقه الشهادة ، فهل يكفي واحد ؟ أم يشترط اثنان ؟ وجهان . وقطع في التهذيب باشتراط اثنين .
(فصل)
وقال أصحابنا : ، إذا كان بالسماء علة من غيم أو غبار أو نحوهما يقبل في هلال رمضان خبر واحد عدل ولو كان عبدا أو امرأة ، أما هلال رمضان فلأنه أمر ديني فيقبل فيه خبر الواحد ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا أو عبدا ، كرواية الأخبار ، ولهذا لا يختص بلفظ الشهادة ، وتشترط العدالة ؛ لأن قول الفاسق في الديانات التي يمكن تلقيها من جهة العدول غير مقبول كروايات الأخبار ، بخلاف الإخبار بطهارة الماء ونجاسته ونحوه ؛ حيث يتحرى في قبول خبر الفاسق فيه ، لا يمكن تلقيه من جهة العدول ؛ لأنه واقعة خاصة ؛ لأنه لا يمكن استصحاب العدول فيها ، وفي هلال رمضان يمكن ؛ لأن المسلمين كلهم متشوفون إلى رؤية الهلال فيه وفي عدولهم كثيرة ، فلا حاجة إلى قبول خبر الفاسق فيه كما في روايات الأخبار ، وتأويل قول وفي هلال شوال تقبل شهادة رجل حر وامرأتين حرتين : عدلا كان أو غير عدل . أن يكون مستورا وهو الذي لم يعرف ولا بالذعارة ويقبل فيه خبر المحدود في القذف بعدما تاب ، ويروى عن الطحاوي أنه [ ص: 197 ] لا يقبل ؛ لأنه شهادة من وجه ، ألا ترى أنه يشترط الحضور إلى مجلس القاضي ولا يكون ملزما إلا بعد القضاء ، والأول أصح ؛ لأنه من باب الإخبار ، وأما هلال شوال ؛ فلأنه تعلق به نفع العبد وهو الفطر ، فأشبه سائر حقوقهم ، فيشترط في سائر حقوقهم من العدالة والحرية والعدد ولفظ الشهادة ، وينبغي أن لا يشترط فيه الدعوى كعتق الأمة وطلاق الحرة ، ولا تقبل في أبي حنيفة لكونه شهادة ، وإن لم تكن بالسماء علة ، فيشترط أن يكون الشهود جمعا كثيرا ، بحيث يقع العلم بخبرهم ؛ لأن التفرد في مثل هذه الحالة يوهم الغلط ، فوجب التوقف في خبره حتى يكون جمعا كثيرا ، بخلاف ما إذا كان بالسماء علة ؛ لأنه قد ينشق الغيم من موضع الهلال فيتفق للبعض النظر فيستبد ، وحد الكثرة أهل المحلة ، وعن شهادة المحدود في قذف خمسون رجلا اعتبارا بالقامة ، وعن أبي يوسف خلف بن أيوب خمسمائة ببلخ قليل ، ، وكذا إذا كان في مكان مرتفع في المصر . ولا فرق بين أهل مصر وبين من ورد من خارج المصر في قبول الشهادة لقلة الموانع من غبار ودخان
وقال أصحابنا : ، إذا كان بالسماء علة من غيم أو غبار أو نحوهما يقبل في هلال رمضان خبر واحد عدل ولو كان عبدا أو امرأة ، أما هلال رمضان فلأنه أمر ديني فيقبل فيه خبر الواحد ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا أو عبدا ، كرواية الأخبار ، ولهذا لا يختص بلفظ الشهادة ، وتشترط العدالة ؛ لأن قول الفاسق في الديانات التي يمكن تلقيها من جهة العدول غير مقبول كروايات الأخبار ، بخلاف الإخبار بطهارة الماء ونجاسته ونحوه ؛ حيث يتحرى في قبول خبر الفاسق فيه ، لا يمكن تلقيه من جهة العدول ؛ لأنه واقعة خاصة ؛ لأنه لا يمكن استصحاب العدول فيها ، وفي هلال رمضان يمكن ؛ لأن المسلمين كلهم متشوفون إلى رؤية الهلال فيه وفي عدولهم كثيرة ، فلا حاجة إلى قبول خبر الفاسق فيه كما في روايات الأخبار ، وتأويل قول وفي هلال شوال تقبل شهادة رجل حر وامرأتين حرتين : عدلا كان أو غير عدل . أن يكون مستورا وهو الذي لم يعرف ولا بالذعارة ويقبل فيه خبر المحدود في القذف بعدما تاب ، ويروى عن الطحاوي أنه [ ص: 197 ] لا يقبل ؛ لأنه شهادة من وجه ، ألا ترى أنه يشترط الحضور إلى مجلس القاضي ولا يكون ملزما إلا بعد القضاء ، والأول أصح ؛ لأنه من باب الإخبار ، وأما هلال شوال ؛ فلأنه تعلق به نفع العبد وهو الفطر ، فأشبه سائر حقوقهم ، فيشترط في سائر حقوقهم من العدالة والحرية والعدد ولفظ الشهادة ، وينبغي أن لا يشترط فيه الدعوى كعتق الأمة وطلاق الحرة ، ولا تقبل في أبي حنيفة لكونه شهادة ، وإن لم تكن بالسماء علة ، فيشترط أن يكون الشهود جمعا كثيرا ، بحيث يقع العلم بخبرهم ؛ لأن التفرد في مثل هذه الحالة يوهم الغلط ، فوجب التوقف في خبره حتى يكون جمعا كثيرا ، بخلاف ما إذا كان بالسماء علة ؛ لأنه قد ينشق الغيم من موضع الهلال فيتفق للبعض النظر فيستبد ، وحد الكثرة أهل المحلة ، وعن شهادة المحدود في قذف خمسون رجلا اعتبارا بالقامة ، وعن أبي يوسف خلف بن أيوب خمسمائة ببلخ قليل ، ، وكذا إذا كان في مكان مرتفع في المصر . ولا فرق بين أهل مصر وبين من ورد من خارج المصر في قبول الشهادة لقلة الموانع من غبار ودخان
(فصل)
قال النووي في الروضة : وجهان أصحهما عند الجمهور نفطر ، وهو نصه في الأم ، ثم الوجهان جاريان سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة ، هذا مقتضى كلام الجمهور ، وقال صاحب العدة وحكاه صاحب التهذيب : الوجهان إذا كانت مصحية ، فإن كانت مغيمة أفطرنا أيضا على المذهب الذي قطع به الجماهير ونص عليه في الأم وحرملة ، وقال إذا صمنا بقول واحد تفريعا على الأظهر فلم نر الهلال بعد ثلاثين فهل نفطر ؟ ابن الحداد : ولا نفطر . ونقل عن أيضا ، وفرع بعضهم على قول ابن سريج ابن الحداد فقال : لو ، قضينا أول يوم أفطرناه ؛ لأنه بان كونه من رمضان ، لكن لا كفارة على من جامع فيه ؛ لأن الكفارة تسقط بالشبهة ، وعلى المذهب لا قضاء .. أ هـ . . شهد اثنان على هلال شوال ، ثم لم ير الهلال والسماء مصحية بعد ثلاثين
قلت : وقال أصحابنا إذا صاموا بشهادة الواحد وأكملوا ثلاثين يوما ولم يروا هلال شوال لا يفطرون فيما روىالحسن عن عن أبي هريرة للاحتياط ، ولأن الفطر لا يثبت بشهادة الواحد ، وعن أبي حنيفة محمد أنهم يفطرون ، ويثبت الفطر بناء على ثبوت الرمضانية بالواحد وإن كان لا يثبت به الفطر ابتداء ، كاستحقاق الإرث بناء على النسب الثابت بشهادة القابلة ، وإن كان الإرث لا يثبت بشهادتها ابتداء ، والأشبه أن يقال : إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطه ، وإن كانت مغيمة يفطرون لعدم ظهور الغلط . والله أعلم .
قال النووي في الروضة : وجهان أصحهما عند الجمهور نفطر ، وهو نصه في الأم ، ثم الوجهان جاريان سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة ، هذا مقتضى كلام الجمهور ، وقال صاحب العدة وحكاه صاحب التهذيب : الوجهان إذا كانت مصحية ، فإن كانت مغيمة أفطرنا أيضا على المذهب الذي قطع به الجماهير ونص عليه في الأم وحرملة ، وقال إذا صمنا بقول واحد تفريعا على الأظهر فلم نر الهلال بعد ثلاثين فهل نفطر ؟ ابن الحداد : ولا نفطر . ونقل عن أيضا ، وفرع بعضهم على قول ابن سريج ابن الحداد فقال : لو ، قضينا أول يوم أفطرناه ؛ لأنه بان كونه من رمضان ، لكن لا كفارة على من جامع فيه ؛ لأن الكفارة تسقط بالشبهة ، وعلى المذهب لا قضاء .. أ هـ . . شهد اثنان على هلال شوال ، ثم لم ير الهلال والسماء مصحية بعد ثلاثين
قلت : وقال أصحابنا إذا صاموا بشهادة الواحد وأكملوا ثلاثين يوما ولم يروا هلال شوال لا يفطرون فيما روىالحسن عن عن أبي هريرة للاحتياط ، ولأن الفطر لا يثبت بشهادة الواحد ، وعن أبي حنيفة محمد أنهم يفطرون ، ويثبت الفطر بناء على ثبوت الرمضانية بالواحد وإن كان لا يثبت به الفطر ابتداء ، كاستحقاق الإرث بناء على النسب الثابت بشهادة القابلة ، وإن كان الإرث لا يثبت بشهادتها ابتداء ، والأشبه أن يقال : إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطه ، وإن كانت مغيمة يفطرون لعدم ظهور الغلط . والله أعلم .
(فصل)
وقال أصحابنا : أيضا : حتى لا يثبت به هلال الفطر ، لأنه تعلق به حق العباد ، وهو التوسع ، بلحوم الأضاحي ، فصار كالفطر ، وذكر في النوادر عن وهلال الأضحى كهلال الفطر أنه كرمضان ؛ لأنه يتعلق به أمر ديني ، وهو ظهور وقت الحج ، والأول أصح . أبي حنيفة
وقال أصحابنا : أيضا : حتى لا يثبت به هلال الفطر ، لأنه تعلق به حق العباد ، وهو التوسع ، بلحوم الأضاحي ، فصار كالفطر ، وذكر في النوادر عن وهلال الأضحى كهلال الفطر أنه كرمضان ؛ لأنه يتعلق به أمر ديني ، وهو ظهور وقت الحج ، والأول أصح . أبي حنيفة
(فصل)
قال النووي في الروضة : لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم الصوم عليه ، ولا على غيره ، قال : وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على الأصح ، وأما الجواز فقال في التهذيب : الروياني . وهل يجوز له أن يعمل بحساب نفسه ؟ وجهان ، وجعل لا يجوز تقليد المنجم في حسابه ، لا في الصوم ، ولا في الفطر الوجهين فيما إذا عرف منازل القمر وعلم به وجود الهلال ، وذكر أن الجواز اختيار الروياني ابن سريج والقفال والقاضي الطبري ، قال : فلو عرفه بالنجوم لم يجز الصوم به قطعا ، ورأيت في بعض المسودات تعدية الخلاف في جواز العمل به إلى غير المنجم .. أ هـ . .
وقال في شرح المنهاج : قال ولو شهد برؤية الهلال واحد أو اثنان اقتضى الحساب عدم إمكان رؤيته ، السبكي : لا تقبل هذه الشهادة ؛ لأن الحساب قطعي ، والشهادة ظنية ، والظن لا يعارض القطع ، وأطال في رد هذه الشهادة ، والمعتمد قبولها ؛ إذ لا عبرة بقول الحساب .. أ هـ . .
وقال أصحابنا : ولا يثبت بقول الموقتين وإن كانوا عدولا في الصحيح ، وعليه اتفاق أصحاب ، وعزاه أبي حنيفة الولي العراقي إلى جمهور أصحاب ، وصرح بأن الحكم إنما يتعلق بالرؤية دون غيرها ، قال : وبه قال الشافعي مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء من السلف والخلف .. أ هـ . . والشافعي
ولعدم جواز الأخذ بقولهم قالوا : يجب [ ص: 198 ] على الناس وجوب كفاية أن يلتمسوا هلال شهر رمضان ليلة الثلاثين من شعبان كما سبق ، وفي فتح الباري ظاهر سياق قوله صلى الله عليه وسلم : فإنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب يشعر بنفي تعليق الحكم بحساب النجوم أصلا ، ويوضحه قوله في الحديث الآخر : . ولم يقل : اسألوا أهل الحساب .. أ هـ . . فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين
ومما يدل على عدم الرجوع إلى قولهم ما ورد من حديث عند أصحاب السنن أبي هريرة : والحاكم . وله شاهد من حديث من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وحديث جابر ، أخرجهما عمران بن حصين بسندين جيدين بلفظ : البزار . وأخرجه من أتى كاهنا فصدقه من حديث أبو يعلى بسند جيد موقوفا عليه بلفظ : ابن مسعود من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا . واتفقت ألفاظهم على الوعيد بلفظ حديث ، إلا حديث أبي هريرة فقال فيه : لم تقبل صلاة أربعين يوما . والكاهن من يقضي بالغيب أو يتعاطى الخبر عن المستقبلات ، والعراف من يتعاطى معرفة الخبيئة والمسروق والضالة ، وهو والمنجم والرمال وطارق الحصى داخلون في لفظ الكاهن ، والكل مذموم شرعا ومحكوم عليهم وعلى مصدقيهم بالكفر ، صرح به علماؤنا ، وإن أرباب التقاويم من أنواع الكهان لأنهم يدعون العلم بالحوادث الآتية لأمور ، ومن قال إن الخواص يجوز أن يعلموا الغيب في قضية أو قضايا كما وقع لكثير منهم واشتهر ، والذي اختص به تعالى إنما هو علم الجميع ، فإن أراد أن ذلك بإعلام الله لهم إياه وحيا أو إلهاما كالأنبياء أو إلهاما فقط كما يقع للأولياء فهو صحيح لا شك فيه ، وإن أراد غير ذلك فهو باطل مردود والله أعلم . مسلم
قال النووي في الروضة : لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم الصوم عليه ، ولا على غيره ، قال : وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على الأصح ، وأما الجواز فقال في التهذيب : الروياني . وهل يجوز له أن يعمل بحساب نفسه ؟ وجهان ، وجعل لا يجوز تقليد المنجم في حسابه ، لا في الصوم ، ولا في الفطر الوجهين فيما إذا عرف منازل القمر وعلم به وجود الهلال ، وذكر أن الجواز اختيار الروياني ابن سريج والقفال والقاضي الطبري ، قال : فلو عرفه بالنجوم لم يجز الصوم به قطعا ، ورأيت في بعض المسودات تعدية الخلاف في جواز العمل به إلى غير المنجم .. أ هـ . .
وقال في شرح المنهاج : قال ولو شهد برؤية الهلال واحد أو اثنان اقتضى الحساب عدم إمكان رؤيته ، السبكي : لا تقبل هذه الشهادة ؛ لأن الحساب قطعي ، والشهادة ظنية ، والظن لا يعارض القطع ، وأطال في رد هذه الشهادة ، والمعتمد قبولها ؛ إذ لا عبرة بقول الحساب .. أ هـ . .
وقال أصحابنا : ولا يثبت بقول الموقتين وإن كانوا عدولا في الصحيح ، وعليه اتفاق أصحاب ، وعزاه أبي حنيفة الولي العراقي إلى جمهور أصحاب ، وصرح بأن الحكم إنما يتعلق بالرؤية دون غيرها ، قال : وبه قال الشافعي مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء من السلف والخلف .. أ هـ . . والشافعي
ولعدم جواز الأخذ بقولهم قالوا : يجب [ ص: 198 ] على الناس وجوب كفاية أن يلتمسوا هلال شهر رمضان ليلة الثلاثين من شعبان كما سبق ، وفي فتح الباري ظاهر سياق قوله صلى الله عليه وسلم : فإنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب يشعر بنفي تعليق الحكم بحساب النجوم أصلا ، ويوضحه قوله في الحديث الآخر : . ولم يقل : اسألوا أهل الحساب .. أ هـ . . فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين
ومما يدل على عدم الرجوع إلى قولهم ما ورد من حديث عند أصحاب السنن أبي هريرة : والحاكم . وله شاهد من حديث من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وحديث جابر ، أخرجهما عمران بن حصين بسندين جيدين بلفظ : البزار . وأخرجه من أتى كاهنا فصدقه من حديث أبو يعلى بسند جيد موقوفا عليه بلفظ : ابن مسعود من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا . واتفقت ألفاظهم على الوعيد بلفظ حديث ، إلا حديث أبي هريرة فقال فيه : لم تقبل صلاة أربعين يوما . والكاهن من يقضي بالغيب أو يتعاطى الخبر عن المستقبلات ، والعراف من يتعاطى معرفة الخبيئة والمسروق والضالة ، وهو والمنجم والرمال وطارق الحصى داخلون في لفظ الكاهن ، والكل مذموم شرعا ومحكوم عليهم وعلى مصدقيهم بالكفر ، صرح به علماؤنا ، وإن أرباب التقاويم من أنواع الكهان لأنهم يدعون العلم بالحوادث الآتية لأمور ، ومن قال إن الخواص يجوز أن يعلموا الغيب في قضية أو قضايا كما وقع لكثير منهم واشتهر ، والذي اختص به تعالى إنما هو علم الجميع ، فإن أراد أن ذلك بإعلام الله لهم إياه وحيا أو إلهاما كالأنبياء أو إلهاما فقط كما يقع للأولياء فهو صحيح لا شك فيه ، وإن أراد غير ذلك فهو باطل مردود والله أعلم . مسلم
(فصل)
وفي كتاب الشريعة شهر رمضان هو عين هذا الزمان المعلوم المشهور المعين من الشهور الاثني عشر الذي بين شعبان وشوال ، والمعين من هذا الزمان للصوم الأيام دون الليالي ، وحد يوم الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، فهذا هو ، لا حد اليوم المعروف بالنهار ، فإن ذلك من طلوع الشمس إلى غروبها ، فأول الصوم الطلوع الفجري ، وآخره بالغروب الشمسي ، فلم يجعل أوله يشبه آخره ؛ لأنه اعتبر في أوليته ما لم يعتبر في آخريته موصوف فيه الصائم بالإفطار ، وفي أوليته موصوف فيه بالعدم ، ولا فرق بين الشفق في الغروب والطلوع من حين الغروب إلى مغيب الشفق ، أو من حين الانفجار إلى طلوع الشمس ، ولهذا عدل الشرع إلى لفظة الفجر ؛ لأن حكم انفجاره لوجود النهار حكم غروب الشمس لإقبال الليل وحصوله ، فكما علم بانفجار الصبح إقبال النهار وإن لم تطلع الشمس ، كذلك عرفنا بغروب الشمس إقبال الليل وإن لم يغرب الشفق ، فانظر ما أحكم وضع الشريعة في المعالم ، فالجامع بين الأول والآخر في الصوم وجود العلامة على إقبال زمان الصوم وزمان الفطر وهو إدبار النهار ، كما أن بالفجر إدبار الليل ، وأما تحديد الشهر سواء كان في شهر رمضان أو غيره فأقل مسمى الشهر تسعة وعشرون يوما ، وأكثره ثلاثون يوما ، هذا هو الشهر العربي القمري ، خاصة الذي كلفنا أن نعرفه ، وشهور العادين بالعلامة أيضا ، لكن أصحاب العلامة يجعلون شهرا تسعا وعشرين وشهرا ثلاثين ، والشرع تعبدنا في ذلك برؤية الهلال وفي الغيم بأكثر المقدارين ، إلا في شعبان إذا غم علينا هلال شهر رمضان فإن فيه خلافا بين أن نمد شعبان إلى أكثر المقدارين ، وهو الذي ذهب إليه الجماعة ، وإما أن نرده إلى أقل المقدارين وهو تسعة وعشرون ، وهو مذهب الحنابلة ومن تابعهم ، ومن خالف من غير هؤلاء لم يعتبر أهل السنة خلافهم ، فإنهم شرعوا ما لم يأذن به الله ، وأما الشهور التي لا تعد بالقمر فلها مقادير مخصوصة ، أقل مقادير ثمانية وعشرون ، وهو المسمى بالرومية فبراير ، وأكثرها مقدارا ستة وثلاثون يوما وهو المسمى بالقبطية مسرى ، وهو آخر شهور سنة القبط ، ولا حاجة لنا بشهور الأعاجم فيما تعبدنا به من الصوم ، فأما انتهاء الثلاثين في ذلك فهو عدد المنازل والمنازلين اللذين لا يخسفان ، وهما الشمس المشبهة بالروح الذي ظهرت به حياة الجسم للشمس والقمر المشبه بالنفس لوجود الزيادة والنقص والكمال الزيادي والنقصي والمنازل مقدار المساحة التي يقطعها ما ذكرناه دائما ، فإن بالشهر ظهرت بسائط الأعداد ومركباتها بحرف العطف من واحد وعشرين إلى تسعة وعشرين وبغير [ ص: 199 ] حرف العطف من أحد عشر إلى تسعة عشر ، وحصر وجود الفردية في البسائط وهي الثلاثة ، وفي العقد وهي الثلاثون ، ثم تكرار الفرد لكمال التثليث الذي عنه يكون الإنتاج في ثلاث مواضع ، وهي الثلاثة في البسائط ، والثلاثة عشر في العدد الذي هو مركب بغير حرف عطف ، والثلاثة والعشرون بحرف العطف ، وانحصرت الأقسام ، ولما رأينا أن الروح يوجد فتكون الحياة ، ولا يكون هناك نقص ولا زيادة ، فلا تكون للنفس عين موجودة لها حكم كموت الجنين في بطن أمه بعد نفخ الروح فيه ، أو عند ولادته ، لذلك كان الشهر قد يوجد من تسعة وعشرين يوما ، فإذا علمت هذا فقد علمت حكمة مقدار الشهر العربي ، وإذا عددناه بغير سير الهلال ونوينا شهرا مطلقا في إيلاء أو نذر عملنا بالقدر الأقل في ذلك ، ولم نعمل بالأكثر ، فإنا قد حزنا بالأقل حد الشهر ففرغنا ، وإنما نعتبر القدر الأكثر في الموضع الذي شرع لنا أن نعتبره ، وذلك في الغيم على مذهب ، أو نعطي ذلك رؤية الهلال لقوله صلى الله عليه وسلم : حد اليوم المشروع للصوم . صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
وفي كتاب الشريعة شهر رمضان هو عين هذا الزمان المعلوم المشهور المعين من الشهور الاثني عشر الذي بين شعبان وشوال ، والمعين من هذا الزمان للصوم الأيام دون الليالي ، وحد يوم الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، فهذا هو ، لا حد اليوم المعروف بالنهار ، فإن ذلك من طلوع الشمس إلى غروبها ، فأول الصوم الطلوع الفجري ، وآخره بالغروب الشمسي ، فلم يجعل أوله يشبه آخره ؛ لأنه اعتبر في أوليته ما لم يعتبر في آخريته موصوف فيه الصائم بالإفطار ، وفي أوليته موصوف فيه بالعدم ، ولا فرق بين الشفق في الغروب والطلوع من حين الغروب إلى مغيب الشفق ، أو من حين الانفجار إلى طلوع الشمس ، ولهذا عدل الشرع إلى لفظة الفجر ؛ لأن حكم انفجاره لوجود النهار حكم غروب الشمس لإقبال الليل وحصوله ، فكما علم بانفجار الصبح إقبال النهار وإن لم تطلع الشمس ، كذلك عرفنا بغروب الشمس إقبال الليل وإن لم يغرب الشفق ، فانظر ما أحكم وضع الشريعة في المعالم ، فالجامع بين الأول والآخر في الصوم وجود العلامة على إقبال زمان الصوم وزمان الفطر وهو إدبار النهار ، كما أن بالفجر إدبار الليل ، وأما تحديد الشهر سواء كان في شهر رمضان أو غيره فأقل مسمى الشهر تسعة وعشرون يوما ، وأكثره ثلاثون يوما ، هذا هو الشهر العربي القمري ، خاصة الذي كلفنا أن نعرفه ، وشهور العادين بالعلامة أيضا ، لكن أصحاب العلامة يجعلون شهرا تسعا وعشرين وشهرا ثلاثين ، والشرع تعبدنا في ذلك برؤية الهلال وفي الغيم بأكثر المقدارين ، إلا في شعبان إذا غم علينا هلال شهر رمضان فإن فيه خلافا بين أن نمد شعبان إلى أكثر المقدارين ، وهو الذي ذهب إليه الجماعة ، وإما أن نرده إلى أقل المقدارين وهو تسعة وعشرون ، وهو مذهب الحنابلة ومن تابعهم ، ومن خالف من غير هؤلاء لم يعتبر أهل السنة خلافهم ، فإنهم شرعوا ما لم يأذن به الله ، وأما الشهور التي لا تعد بالقمر فلها مقادير مخصوصة ، أقل مقادير ثمانية وعشرون ، وهو المسمى بالرومية فبراير ، وأكثرها مقدارا ستة وثلاثون يوما وهو المسمى بالقبطية مسرى ، وهو آخر شهور سنة القبط ، ولا حاجة لنا بشهور الأعاجم فيما تعبدنا به من الصوم ، فأما انتهاء الثلاثين في ذلك فهو عدد المنازل والمنازلين اللذين لا يخسفان ، وهما الشمس المشبهة بالروح الذي ظهرت به حياة الجسم للشمس والقمر المشبه بالنفس لوجود الزيادة والنقص والكمال الزيادي والنقصي والمنازل مقدار المساحة التي يقطعها ما ذكرناه دائما ، فإن بالشهر ظهرت بسائط الأعداد ومركباتها بحرف العطف من واحد وعشرين إلى تسعة وعشرين وبغير [ ص: 199 ] حرف العطف من أحد عشر إلى تسعة عشر ، وحصر وجود الفردية في البسائط وهي الثلاثة ، وفي العقد وهي الثلاثون ، ثم تكرار الفرد لكمال التثليث الذي عنه يكون الإنتاج في ثلاث مواضع ، وهي الثلاثة في البسائط ، والثلاثة عشر في العدد الذي هو مركب بغير حرف عطف ، والثلاثة والعشرون بحرف العطف ، وانحصرت الأقسام ، ولما رأينا أن الروح يوجد فتكون الحياة ، ولا يكون هناك نقص ولا زيادة ، فلا تكون للنفس عين موجودة لها حكم كموت الجنين في بطن أمه بعد نفخ الروح فيه ، أو عند ولادته ، لذلك كان الشهر قد يوجد من تسعة وعشرين يوما ، فإذا علمت هذا فقد علمت حكمة مقدار الشهر العربي ، وإذا عددناه بغير سير الهلال ونوينا شهرا مطلقا في إيلاء أو نذر عملنا بالقدر الأقل في ذلك ، ولم نعمل بالأكثر ، فإنا قد حزنا بالأقل حد الشهر ففرغنا ، وإنما نعتبر القدر الأكثر في الموضع الذي شرع لنا أن نعتبره ، وذلك في الغيم على مذهب ، أو نعطي ذلك رؤية الهلال لقوله صلى الله عليه وسلم : حد اليوم المشروع للصوم . صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
(فصل)
في اعتبار الشاهد والشاهدين .
قال اختلفوا فيما يراه أهل الله من التجلي في الأسماء الإلهية هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له في ذلك شاهد من الشرع ؟ : علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ، وقال تعالى : الجنيد أفمن كان على بينة من ربه وهو صاحب الرؤية ويتلوه شاهد منه وهو صاحب الخبر ، والشاهد الواحد كتاب أو سنة ، والشاهدان كتاب وسنة ، وهو يتعذر الوقوف عليه ، ولا سيما عند من لم يتقدم له علم من الكتاب ولا من السنة ، ولكن رأينا بعض الذي لقيناهم إذا أعطاهم الحق أمرا أعطاهم الشاهد على ذلك من الكتاب والسنة أو من أحدهما ، ومتى لم يعط ذلك لم يحكم عليه ما رأى احتياطا ، ولا يرده ويتركه موقوفا ، والذي أعرفه من قول الجنيد أنه أراد أن يفرق بين ما يظهر لصاحب الخلوات والرياضات على غير طريق الشرع بما تقتضيه رياضات النفوس ، وبين ما يظهر لهم على الطريقة المشروعة ، بأن ذلك الظاهر له من عند الله ، فهذا معنى قول الجنيد : علمنا هذا مقيد ومشيد بالكتاب والسنة ؛ أي هو ينتجه عن عمل مشروع إلهي ليفرق بينه وبين ما يظهر لأرباب العقول ، والمعلوم واحد والطريق مختلفة ، وصاحب الذوق يفرق بين الأمرين ، والله أعلم .
في اعتبار الشاهد والشاهدين .
قال اختلفوا فيما يراه أهل الله من التجلي في الأسماء الإلهية هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له في ذلك شاهد من الشرع ؟ : علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ، وقال تعالى : الجنيد أفمن كان على بينة من ربه وهو صاحب الرؤية ويتلوه شاهد منه وهو صاحب الخبر ، والشاهد الواحد كتاب أو سنة ، والشاهدان كتاب وسنة ، وهو يتعذر الوقوف عليه ، ولا سيما عند من لم يتقدم له علم من الكتاب ولا من السنة ، ولكن رأينا بعض الذي لقيناهم إذا أعطاهم الحق أمرا أعطاهم الشاهد على ذلك من الكتاب والسنة أو من أحدهما ، ومتى لم يعط ذلك لم يحكم عليه ما رأى احتياطا ، ولا يرده ويتركه موقوفا ، والذي أعرفه من قول الجنيد أنه أراد أن يفرق بين ما يظهر لصاحب الخلوات والرياضات على غير طريق الشرع بما تقتضيه رياضات النفوس ، وبين ما يظهر لهم على الطريقة المشروعة ، بأن ذلك الظاهر له من عند الله ، فهذا معنى قول الجنيد : علمنا هذا مقيد ومشيد بالكتاب والسنة ؛ أي هو ينتجه عن عمل مشروع إلهي ليفرق بينه وبين ما يظهر لأرباب العقول ، والمعلوم واحد والطريق مختلفة ، وصاحب الذوق يفرق بين الأمرين ، والله أعلم .