الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: مثل الجنة تفسير لقوله (تعالى): إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ ففسر تلك الأنهار؛ فقال: مثل الجنة التي وعد المتقون ؛ أي: مما عرفتموه من الدنيا من جناتها؛ وأنهارها؛ جنة: فيها أنهار من ماء غير آسن ؛ ويقرأ: "من ماء غير أسن"؛ ويجوز في العربية" "أسن"؛ يقال: "أسن الماء؛ يأسن؛ فهو آسن"؛ ويقال: "أسن الماء؛ فهو أسن"؛ إذا تغيرت رائحته؛ فأعلم الله - عز وجل - أن أنهار الجنة لا تتغير رائحة مائها؛ ولا يأسن؛ وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ؛ أي: لا يدخله ما يدخل ألبان الدنيا من التغير؛ وأنهار من خمر لذة للشاربين ؛ ليس فيها غول؛ أي: لا تسكر؛ ولا تفنى؛ وأنهار من عسل مصفى ؛ معناه: مصفى؛ لم يخرج من بطون النحل فيخالطه الشمع؛ ولهم فيها من كل الثمرات ؛ [ ص: 10 ] كما قال: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ وصف تلك الجنات فقال: "مثل الجنة جنة..."؛ كما وصف؛ وقيل: إن المعنى: "صفة الجنة"؛ وهو نحو مما فسرنا؛ ثم قال: ومغفرة من ربهم ؛ أي: لهم فيها من كل الثمرات؛ ولهم مغفرة من ربهم؛ يغفر ذنوبهم؛ ولا يجازون بالسيئات؛ ولا يوبخون في الجنة؛ فيكون الفوز العظيم؛ والعطاء الجزيل؛ ثم قال: كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ؛ المعنى: أفمن كان على بينة من ربه؛ وأعطي هذه الأشياء؛ كمن زين له سوء عمله؛ وهو خالد في النار؟! وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ؛ واحد الأمعاء "معى"؛ مثل "ضلع"؛ و"أضلاع".

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية