الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 360 ] فصل : وإذا تكفل برجل إلى أجل ، إن جاء به فيه ، وإلا لزمه ما عليه ، صح . وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف : وقال محمد بن الحسن والشافعي : لا تصح الكفالة ، ولا يلزمه ما عليه ; لأن هذا تعليق الضمان بخطر فلم يصح ، كما لو علقه بقدوم زيد . ولنا ، أن هذا موجب الكفالة ومقتضاها ، فصح اشتراطه ، كما لو قال : إن جئت به في وقت كذا ، وإلا فلك حبسي .

                                                                                                                                            ومبنى الخلاف هاهنا على الخلاف في أن هذا مقتضى الكفالة ، وقد دللنا عليه . وأما إن قال : إن جئت به في وقت كذا ، وإلا فأنا كفيل ببدن فلان ، أو فأنا ضامن لك مالك على فلان . أو قال : إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه . أو إذا قدم الحاج فأنا كفيل بفلان . أو قال : أنا كفيل بفلان شهرا . فقال القاضي : لا تصح الكفالة .

                                                                                                                                            وهو مذهب الشافعي ومحمد بن الحسن ; لأن ذلك خطر فلم يجز تعليق الضمان والكفالة به ، كمجيء المطر وهبوب الريح ، ولأنه إثبات حق لآدمي معين ، فلم يجز تعليقه على شرط ، ولا توقيته ، كالهبة . وقال الشريف أبو جعفر ، وأبو الخطاب : تصح ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ; لأنه أضاف الضمان إلى سبب الوجود ، فيجب أن يصح ، كضمان الدرك . والأول أقيس . فإن قال : كفلت بفلان إن جئت به في وقت كذا . وإلا فأنا كفيل بفلان ، أو ضامن المال الذي على فلان . لم يصح فيهما عند القاضي ; لأن الأول مؤقت ، والثاني معلق على شرط .

                                                                                                                                            وقال أبو الخطاب : يصح فيهما . فأما إن قال : كفلت بأحد هذين الرجلين . لم يصح في قولهم جميعا ; لأنه غير معلوم في الحال ولا في المآل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية