الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
من يلزمه الإيلاء من الأزواج ( قال الشافعي ) ويلزم الإيلاء كل من إذا طلق لزمه الطلاق ممن تجب عليه الفرائض وذلك كل زوج بالغ غير مغلوب على عقله وسواء في ذلك الحر والعبد ومن لم تكمل فيه الحرية والذمي والمشرك غير الذمي رضيا بحكمنا .

وإنما سويت بين العبد والحر فيه أن الإيلاء يمين جعل الله تبارك وتعالى لها وقتا دل جل ثناؤه على أن على الزوج إذا مضى الوقت أن يفيء أو يطلق فكان العبد والحر في اليمين سواء .

وكذلك يكونان في وقت اليمين وإنما جعلتها على الذمي والمشرك إذا تحاكما إلينا أن ليس لأحد أن يحكم بغير حكم الإسلام وأن الإيلاء يمين يقع بها طلاق أو فيئة في وقت فألزمناهموها ( قال الشافعي ) وكفارة العبد في الحنث الصوم ولا يجزئه غيره وإذا كان الزوج ممن لا فرض عليه وذلك الصبي غير البالغ والمغلوب على عقله بأي وجه كانت الغلبة إلا السكران فلا إيلاء عليه ولا حنث لأن الفرائض عنه ساقطة وإذا آلى السكران من الخمر والشراب المسكر لزمه الإيلاء لأن الفرائض له لازمة لا تزول عنه بالسكر وإن كان المغلوب على عقله يجن ويفيق فآلى في حال إفاقته لزمه الإيلاء وإن آلى في حال جنونه لم يلزمه .

وإن قالت المرأة آليت مني صحيحا وقال الزوج ما آليت منك وإن كنت فعلت فإنما آليت مغلوبا على عقلي فالقول قوله مع يمينه .

وإذا كان لا يعرف له جنون فقالت آليت مني فقال آليت منك وأنا مجنون فالقول قولها وعليه البينة إذا لم يعلم ذهاب عقله في وقت يجوز أن يكون موليا فيه في وقت دعواها ولو اختلفا فقالت قد آليت مني وقال لم أول أو قالت قد آليت ومضت أربعة أشهر وقال قد آليت وما مضى إلا يوم أو أقل أو أكثر كان القول في ذلك قوله مع يمينه وعليها البينة ، وإذا قامت البينة فهو مول من يوم وقتت بينتها .

ولو قامت له بينة بإيلاء وقتوا فيه غير وقتها كان موليا ببينتها وبينته وليس هذا اختلافا إنما هذا مول إيلاءين ( قال الشافعي ) ولا يلزم الإيلاء إلا زوجا صحيح النكاح فأما فاسد النكاح فلا يلزمه إيلاء .

ولا يلزم الإيلاء إلا زوجة ثابتة النكاح أو مطلقة له وعليها رجعة في العدة فإنها في حكم الأزواج فأما مطلقة لا رجعة له عليها في العدة فلا يلزمه إيلاء منها وإن آلى في العدة وكذلك لا يلزمه إيلاء من مطلقة يملك رجعتها إذا كان إيلاؤه منها بعد مضي العدة لأنها ليست في معاني الأزواج إذا مضت عدتها ( قال الشافعي ) رحمه الله : والإيلاء من كل زوجة مسلمة أو ذمية أو أمة [ ص: 289 ] سواء لا يختلف في شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية