الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3605 ) فصل : وتفتقر صحة الكفالة إلى رضى الكفيل ; لأنه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه ، ولا يعتبر رضى المكفول له ; لأنها وثيقة له لا قبض فيها ، فصحت من غير رضاه فيها ، كالشهادة ، ولأنها التزام حق له من غير عوض ، فلم يعتبر رضاه فيها ، كالنذر ، فأما رضى المكفول له ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يعتبر ، كالضمان .

                                                                                                                                            والثاني ، يعتبر . وهو مذهب الشافعي ; لأن مقصودها إحضاره ، وإن تكفل بغير إذنه ، لم يلزمه الحضور معه ، ولأنه يجعل لنفسه حقا عليه ، وهو الحضور معه من غير رضاه ، فلم يجز ، كما لو ألزمه الدين ، وفارق الضمان ، فإن الضامن يقضي الحق ، ولا يحتاج إلى المضمون عنه .

                                                                                                                                            وعلى كلا الوجهين ، متى كانت الكفالة بإذنه ، فأراد الكفيل إحضاره ، لزمه الحضور معه ; لأنه شغل ذمته من أجله بإذنه ، فكان عليه تخليصها ، كما لو استعار عبده فرهنه بإذنه ، كان عليه تخليصه إذا طلبه سيده . وإن كانت الكفالة بغير إذنه نظرنا ; فإن طلبه المكفول له منه ، لزمه أن يحضر معه ; لأن حضوره حق للمكفول له ، وقد استناب الكفيل في طلبه .

                                                                                                                                            وإن لم يطلبه المكفول له ، لم يلزمه أن يحضر معه ; لأنه لم يشغل ذمته ، وإنما الكفيل شغلها باختيار نفسه ، فلم يجز أن يثبت له بذلك حق على غيره . وإن قال المكفول له : أحضر كفيلك . كان توكيلا في إحضاره ، ولزمه أن يحضر معه ، كما لو وكل أجنبيا . وإن قال : اخرج من كفالتك . احتمل أن يكون توكيلا في إحضاره ، كاللفظ الأول ، ويحتمل أن تكون مطالبة بالدين الذي عليه ، فلا يكون توكيلا ، فلا يلزمه الحضور معه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية