الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إيلاء الرجل مرارا

( قال الشافعي ) وإذا آلى الرجل من امرأته فلما مضى شهران أو أكثر أو أقل آلى منها مرة أخرى وقف عند الأربعة الأشهر الأولى فإما أن يفيء وإما أن يطلق فإن فاء حنث في اليمين الأولى واليمين الثانية ولم يعد عليه الإيلاء لأنه قد حنث في اليمينين معا وإن أراد باليمين الثانية الأولى فكفارة واحدة وإن أراد يمينا عليه غيرها فأحب إلي أن لو يكفر كفارتين وقد قيل كفارة واحدة تجزئه لأنهما يمينان في شيء واحد .

وهكذا لو آلى منها فلما مضت أربعة أشهر آلى ثانية قبل يوقف أو يطلق ولكنه لو آلى فوقف فطلق طلاقا يملك الرجعة ثم آلى في العدة ثم ارتجع أو فاء ثم آلى إيلاء آخر كان عليه إيلاء مستقبل ( قال ) وإذا آلى الرجل من امرأته فحيل بينه وبينها بأمر ليس من قبله قبل أن يكمل أربعة أشهر ثم قدر عليها استؤنف له أربعة أشهر كما جعل الله عز وجل له أربعة أشهر متتابعة فإذا لم يتكمل له حتى يمضي حكمها استؤنفت له متتابعة كما جعلت له أولا .

وذلك مثل أن تحبس فلا يقدر عليها .

ومثل أن يكون آلى منها صبية لا يقدر على جماعها بحال أو مضناة من مرض لا يقدر على جماعها بحال وإذا صارتا في حد من يجامع مثله وقف لهما بعد أربعة أشهر من يوم يقدر على جماعهما فإن فاء وإلا طلق وإن أبى طلق عليه [ ص: 293 ] قال ) وإن كانت مريضة يقدر على جماعها بحال أو صبية يجامع مثلها فهي كالصحيحة البالغ ، وسواء آلى من بكر أو ثيب ولا فيئة في البكر إلا بذهاب العذرة ولا في الثيب إلا بمغيب الحشفة ، وإذا كان الحبس عن الجماع في الأربعة الأشهر لا بسبب المرأة ولا منها ولا أنها حرمت عليه كما تحرم الأجنبية إلا بحال يحدثها فالإيلاء له لازم ولا يزاد على أربعة أشهر شيئا فإذا مضت الأربعة الأشهر وقف حتى يطلق أو يفيء فيء جماع أو فيء معذور وذلك مثل أن يؤلي فيمرض هو أربعة أشهر فإذا مضت وقف فإن كان يقدر على الجماع بحال فلا فيء له إلا فيء الجماع وإن كان لا يقدر عليه فاء بلسانه ومثل أن يؤلي فيحبس أو يؤلي وهو محبوس فإذا مضت أربعة أشهر وهو يقدر على الجماع بحال فاء أو طلق وإن لم يقدر على الجماع بحال للحبس فاء بلسانه ( قال الشافعي ) رحمه الله : ومن قلت له فئ بلسانك فإذا قدر على الجماع بحال وقفته مكانه فإن فاء وإلا طلق أو طلق عليه ولا أؤجله إلى أجل الصحيح إذا وقفته بعد أربعة أشهر ( قال ) وإذا آلى فغلب على عقله فإذا مضت أربعة أشهر لم يوقف حتى يرجع إليه عقله فإن عقل بعد الأربعة الأشهر وقف مكانه فإما أن يفيء وإما أن يطلق ، وإذا آلى الرجل من امرأته ثم أحرم قيل له إذا مضت أربعة أشهر فإن فئت فسد إحرامك وخرجت من حكم الإيلاء وإن لم تفئ طلق عليك لأنك أحدثت منع الجماع وإن آلى ثم تظاهر وهو يجد الكفارة فإذا مضت أربعة أشهر وقف فقيل له أنت أدخلت منع الجماع على نفسك فإن فئت فأنت عاص بالإصابة وأنت متظاهر وليس لك أن تطأ قبل الكفارة وإن لم تفئ فطلق أو يطلق عليك ، وهكذا لو تظاهر ثم آلى لأن ذلك كله جاء منه لا منها ولم تحرم عليه بالظهار حرمة الأجنبية .

التالي السابق


الخدمات العلمية