الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        الذي جعل لكم الأرض فراشا [ 22 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ( الذي ) نعت لـ " ربكم " ، وإن شئت كان نعتا للذي خلقكم ، وصلح أن يقال نعت للنعت ؛ لأن النعت هو المنعوت في المعنى ، ويجوز أن يكون منصوبا بتتقون ، ويجوز أن يكون بمعنى أعني ، وأن يكون في موضع رفع على أنه خبر ابتداء محذوف ، ويجوز " جعل لكم " مدغما ؛ لأن الحرفين مثلان قد كثرت الحركات ، وترك الإدغام أجود لأنها من كلمتين الأرض فراشا مفعولان لجعل ، والسماء بناء عطف ، والسماء تكون جمعا لسماوة وسماءة ، وتكون واحدة مؤنثة مثل عناق ، وتذكيرها شاذ ، وجمعها سماوات وسماءات وأسم وسمايا ، وسماء المطر مذكر ، وكذلك السقف في المستعمل ، وجمعها أسمية وسمي وسمي ، و ( بناء ) يقصر على أنه جمع بنية ، ومصدر ، ويقال : بنى جمع بنية . وفي الممدود في الوقف خمس لغات ؛ أجودها : ( والسماء بناء ) بهمزة بين ألفين ، ويجوز تخفيف الهمزة حتى تضعف ، ويجوز حذفها لقربها من الساكن وهي بين ساكنين ، فإذا حذفتها حذفت الألف بعدها فقلت : " بنا " لفظه كلفظ المقصور ، ومن العرب من يزيد بعده في صورته مدة ، ومنهم من يعوض من الهمزة ياءا فيقول : " بنيت بنايا " ، والبصريون يقولون : هو مشبه بخطايا ، والفراء يقول : ردت الهمزة إلى أصلها لأن أصلها الياء وأنـزل من السماء ماء والأصل : [ ص: 199 ] في ماء موه ، قلبت الواو ألفا لتحركها ، وتحرك ما قبلها فقلت : " ماه " فالتقى حرفان خفيان فأبدلت من الهاء همزة لأنها أجلد وهي بالألف أشبه فقلت : " ماء " فالألف الأولى عين الفعل ، وبعدها الهمزة التي هي بدل من الهاء ، وبعد الهمزة ألف بدل من التنوين . قال أبو الحسن علي : لا يجوز أن يكتب إلا بألفين عند البصريين ، وإن شئت بثلاث ، فإذا جمعوا أو صغروا ردوا إلى الأصل فقالوا : مويه وأمواه ومياه ، مثل : أجمال وجمال فأخرج به من الثمرات جمع ثمرة ؛ ويقال : ثمر مثل شجر ، ويقال : ثمر مثل خشب ، ويقال : ثمر مثل بدن ، وثمار مثل إكام رزقا لكم مفعول فلا تجعلوا لله أندادا " تجعلوا " جزم بالنهي فلذلك حذفت منه النون . " أندادا " مفعول أول ، و " لله " في موضع الثاني وأنتم مبتدأ تعلمون فعل مستقبل في موضع الخبر ، والجملة في موضع الحال .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية