الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
تقدم نزول الآية على الحكم

يذكر " الزركشي " نوعا يتصل بأسباب النزول يسميه : " تقدم نزول الآية على الحكم “ ، والمثال الذي ذكره في ذلك لا يدل على أن الآية تنزل في حكم خاص ثم لا يكون العمل بها إلا مؤخرا ، وإنما يدل على أن الآية قد تنزل بلفظ مجمل يحتمل أكثر من معنى ثم يحمل تفسيرها على أحد المعاني فيما بعد فتكون دليلا على حكم متأخر . جاء في " البرهان " : " واعلم أنه قد يكون النزول سابقا على الحكم ، وهذا كقوله تعالى : قد أفلح من تزكى فإنه يستدل بها على زكاة الفطر ، روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر أنها نزلت في زكاة رمضان ، ثم أسند مرفوعا نحوه ، وقال بعضهم : لا أدري ما وجه هذا التأويل ؟ لأن هذه السورة مكية ، ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة " .

[ ص: 89 ] وأجاب البغوي في تفسيره بأنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم ، كما قال : لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ، فالسورة مكية ، وظهر أثر الحل يوم فتح مكة ، حتى قال عليه الصلاة والسلام : " أحلت لي ساعة من نهار “ .

وكذلك نزل بمكة : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، قال عمر بن الخطاب : كنت لا أدري : أي الجمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر .

فأنت ترى فيما ذكره صاحب البرهان أن صيغة سبب النزول محتملة للسببية ولما تضمنته الآية من الأحكام " روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر أنها نزلت في زكاة رمضان " ، والآيات التي ذكرها مجملة تحتمل أكثر من معنى ، أو جاءت بصيغة الإخبار عما يحدث في المستقبل سيهزم الجمع ويولون الدبر . "

التالي السابق


الخدمات العلمية