الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
خاتمة : من المهم تحرير الفرق بين الاستعارة والتشبيه المحذوف الأداة ، نحو : زيد أسد .

قال الزمخشري في قوله تعالى : صم بكم عمي [ البقرة : 18 ] : فإن قلت : هل يسمى ما في الآية استعارة ، قلت : نختلف فيه ، والمحققون على تسميته تشبيها بليغا لا [ ص: 58 ] استعارة ؛ لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون ، وإنما تطلق الاستعارة حيث يطوى ذكر المستعار له ، ويجعل الكلام خلوا عنه ، صالحا لأن يراد المنقول عنه والمنقول له ، لولا دلالة الحال أو فحوى الكلام .

ومن ثم ترى المفلقين السحرة يتناسون التشبيه ويضربون عنه صفحا . وعلله السكاكي بأن من شرط الاستعارة إمكان حمل الكلام على الحقيقة في الظاهر وتناسي التشبيه ، و ( زيد أسد ) لا يمكن كونه حقيقة ، فلا يجوز أن يكون استعارة ، وتابعه صاحب الإيضاح .

قال في عروس الأفراح : وما قالاه ممنوع وليس من شرط الاستعارة صلاحية الكلام لصرفه إلى الحقيقة في الظاهر .

قال : بل لو عكس ذلك وقيل : لا بد من عدم صلاحيته لكان أقرب ؛ لأن الاستعارة مجاز لا بد له من قرينة ، فإن لم تكن قرينة امتنع صرفه إلى الاستعارة وصرفناه إلى حقيقته ، وإنما نصرفه إلى الاستعارة بقرينة : إما لفظية أو معنوية ، نحو : زيد أسد ، فالإخبار به عن زيد قرينة صارفة عن إرادة حقيقته .

قال : والذي نختاره في ، نحو : زيد أسد قسمان : تارة يقصد به التشبيه فتكون أداة التشبيه مقدرة . وتارة يقصد به الاستعارة فلا تكون مقدرة ، ويكون الأسد مستعملا في حقيقته . وذكر زيد : والإخبار عنه بما لا يصلح له حقيقة قرينة صارفة إلى الاستعارة دالة عليها ، فإن قامت قرينة على حذف الأداة صرنا إليه ، وإن لم تقم فنحن بين إضمار واستعارة ، والاستعارة أولى فيصار إليها .

وممن صرح بهذا الفرق عبد اللطيف البغدادي في قوانين البلاغة . وكذا قال حازم : الفرق بينهما أن الاستعارة وإن كان فيها معنى التشبيه فتقدير حرف التشبيه لا يجوز فيها ، والتشبيه بغير حرف على خلاف ذلك ؛ لأن تقدير حرف التشبيه واجب فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية