الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          الفصل الثالث في صيغته وحكم الإتيان به وسببه

                                                          أما صيغته فلم يختلف عن أحد ممن أثبته أن لفظه " الله أكبر " ، ولكن اختلف عن البزي وعمن رواه عن قنبل في الزيادة عليه . فأما البزي ، فروى الجمهور عنه هذا اللفظ بعينه من غير زيادة ، ولا نقص فيقول ( الله أكبر ) ( بسم الله الرحمن الرحيم ) والضحى ، أو ألم نشرح وهو الذي قطع به في الكافي والهادي ، والهداية ، والتلخيصين ، والعنوان ، والتذكرة ، وهو الذي قرأ به وأخذ صاحب التبصرة ، وهو الذي قطع به أيضا في المبهج ، وفي التيسير من طريق أبي ربيعة ، وبه قرأ على أبي القاسم الفارسي عن قراءته بذلك على النقاش عنه ، وعلى أبي الحسن ، وعلى أبي الفتح عن قراءته بذلك عن السامري في رواية البزي ، وهو الذي لم يذكر العراقيون قاطبة سواه من طرق أبي ربيعة كلها سوى طريق هبة الله عنه ، وروى الآخرون عنه التهليل من قبل التكبير ، ولفظة " لا إله إلا الله والله أكبر " وهذه طريق ابن الحباب عنه من جميع طرقه ، وهو طريق هبة الله عن أبي ربيعة وابن الفرح أيضا عن البزي ، وبه قرأ الداني على أبي الفتح فارس عن قراءته على عبد الباقي ، وعلى أبي الفرح النجار أعني من طريق ابن الحباب ، وهو وجه صحيح ثابت عن البزي بالنص كما أخبرنا أحمد بن الحسن المصري بقراءتي عليه . أخبرنا عبد العزيز بن عبد الرحمن التونسي . أخبرنا محمد بن محمد البلنسي عن محمد بن أحمد المرسي . أخبرنا والدي عن عثمان بن سعيد الحافظ حدثنا فارس بن أحمد ، أخبرنا [ ص: 430 ] عبد الباقي بن الحسن . حدثنا أحمد بن سالم الختلي وأحمد بن صالح قالا : حدثنا الحسن بن الحباب قال : سألت البزي عن التكبير كيف هو فقال : ( لا إله إلا الله والله أكبر ) ، وقال الحافظ أبو عمرو : وابن الحباب هذا من الإتقان والضبط وصدق اللهجة بمكان لا يجهله أحد من علماء هذه الصنعة انتهى . على أن ابن الحباب لم ينفرد بذلك فقال الإمام الكبير الولي أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي في كتابه الوسيط في العشر لم ينفرد به يعني ابن الحباب ، بل حدثنيه أبو عبد الله اللكي عن الشذائي عن ابن مجاهد ، وبه كان يأخذ ابن الشارب عن الزينبي وهبة الله عن أبي ربيعة وابن فرح عن البزي قال : وقد رأيت المشايخ يؤثرون ذلك في الصلاة فرقا بينها وبين تكبير الركوع انتهى . وقد تقدم قريبا قول الإمام أبي الحسن السعيدي أنه رواه البزي يعني من جميع طرقه التي ذكرها له وقد ذكر له طريق أبي ربيعة والخزاعي كلاهما عنه . وقد روى النسائي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن الأغر قال : أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أشهد عليهما أنه قال : ( إن العبد إذا قال : لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه ) ، ثم اختلف هؤلاء الآخذون بالتهليل مع التكبير عن ابن الحباب فرواه جمهورهم كذلك باللفظ المتقدم ، وزاد بعضهم على ذلك لفظ ولله الحمد فقالوا : ( لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ) ، ثم يبسملون وهذه طريق أبي طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم عن ابن الحباب ، وذكره أبو القاسم الهذلي من طريق عبد الواحد المذكور عن ابن الحباب ، ومن طريق ابن فرح أيضا عن البزي . وكذا رواه الغضائري عن ابن فرح عن البزي وابن الصباح عن قنبل ، وكذا ذكره أبو الفضل الرازي ، وقال في كتاب الوسيط ، وقد حكى لنا علي بن أحمد يعني الأستاذ أبا الحسن الحمامي عن زيد ، وهو أبو القاسم زيد بن علي الكوفي عن ابن فرح عن البزي التهليل قبلها والتحميد بعدها ، بلفظة ( لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ) بمقتضى قول علي رضي الله عنه ، انتهى . ورواه الخزاعي أيضا ، وأبو الكرم عن [ ص: 431 ] ابن الصباح عن قنبل ، ورواه أيضا الخزاعي في كتابه المنتهى عن ابن الصباح عن أبي ربيعة عن البزي .

                                                          ( قلت ) : يشير الرازي إلى ما رواه الحافظ أبو العلاء الهمداني عن علي رضي الله عنه : إذا قرأت القرآن فبلغت قصار المفصل فاحمد الله وكبر كما قدمنا عنه ، وأما قنبل فقطع له جمهور من روى التكبير عنه من المغاربة بالتكبير فقط ، وهو الذي في الشاطبية ، وتلخيص أبي معشر ، ولم يذكره صاحب التيسير ، كما قدمنا ، وذكره في غيره ، والأكثرون من المشارقة على التهليل ، وهو قول ( لا إله إلا الله والله أكبر ) حتى قطع له به العراقيون من طريق ابن مجاهد ، وقطع بذلك له سبط الخياط في كفايته من الطريقين ، وفي المبهج من طريق ابن مجاهد فقط . وقال ابن سوار في المستنير قرأت به لقنبل قرأت على جميع من عليه ، وقطع له به أيضا ابن فارس في جامعه من طريق ابن مجاهد وابن شنبوذ ، وغيرهما ، وقال سبط الخياط في كفايته : قرأ ابن كثير من رواية قنبل المذكورة في هذا الكتاب خاصة بالتهليل والتكبير من فاتحة " والضحى " على اختلاف شيوخنا الذين قرأت عليهم فمنهم من أمرني بذلك ، ومنهم من أمرني من أول ألم نشرح إلى آخر القرآن ، وهو الذي قرأ به صاحب الهداية على أبي الحسن القنطري ، وقال الداني في جامع البيان ، والوجهان يعني التهليل مع التكبير والتكبير وحده عن البزي وقنبل صحيحان جيدان مشهوران مستعملان ، وقال الإمام أبو الفضل الرازي ، وقد حكى لنا علي بن أحمد عن زيد عن ابن فرح عن البزي التهليل قبل التكبير والتحميد بعده بمقتضى قول علي رضي الله عنه المتقدم إلا أن أبا البركات بن الوكيل روى عن رجاله عن ابن الصباح عن قنبل ، وعن أبي ربيعة عن البزي ( لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ) .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية