الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل عن رجل خرج إلى الخربة لأجل الحمى وهو يعلم أنه يقيم مدة شهرين . فهل يجوز له القصر ؟ وإذا جاز القصر . فالإتمام أفضل أم القصر ؟

                [ ص: 18 ]

                التالي السابق


                [ ص: 18 ] فأجاب : الحمد لله . هذه المسألة فيها نزاع بين العلماء منهم من يوجب الإتمام ومنهم من يوجب القصر والصحيح أن كلاهما سائغ فمن قصر لا ينكر عليه ومن أتم لا ينكر عليه .

                وكذلك تنازعوا في الأفضل : فمن كان عنده شك في جواز القصر فأراد الاحتياط فالإتمام أفضل وأما من تبينت له السنة وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين ولم يحد السفر بزمان أو بمكان ولا حد الإقامة أيضا بزمن محدود لا ثلاثة ولا أربعة ولا اثنا عشر ولا خمسة عشر فإنه يقصر . كما كان غير واحد من السلف يفعل حتى كان مسروق قد ولوه ولاية لم يكن يختارها فأقام سنين يقصر الصلاة .

                وقد أقام المسلمون بنهاوند ستة أشهر يقصرون الصلاة وكانوا يقصرون الصلاة مع علمهم أن حاجتهم لا تنقضي في أربعة أيام ولا أكثر . كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد فتح مكة قريبا من عشرين يوما يقصرون الصلاة وأقاموا بمكة عشرة أيام يفطرون في رمضان . وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة يعلم أنه يحتاج أن يقيم بها أكثر من أربعة أيام . وإذا كان التحديد لا أصل له فما دام المسافر مسافرا يقصر الصلاة ولو أقام في مكان شهورا والله أعلم كتبه أحمد ابن تيمية .




                الخدمات العلمية