الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما ذكر عقوبة الكافرين وخسرانهم ، أتبعه بذكر أحوال المؤمنين . والإخبات هو الخشوع والخضوع ، وهو مأخوذ من الخبت وهو الأرض المطمئنة ، وخبت ذكره أي خفي ، فقوله : أخبت أي دخل في الخبت ، كما يقال فيمن صار إلى نجد : أنجد ، وإلى تهامة : أتهم ، ومنه المخبت من الناس الذي أخبت إلى ربه ، أي : اطمأن إليه . ولفظ الإخبات يتعدى بإلى وباللام ، فإذا قلنا : أخبت فلان إلى كذا فمعناه اطمأن إليه ، وإذا قلنا : أخبت له فمعناه خشع له .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت هذا فنقول : قوله : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) إشارة إلى جميع الأعمال الصالحة ، وقوله ( وأخبتوا ) إشارة إلى أن هذه الأعمال لا تنفع في الآخرة إلا مع الأحوال القلبية ، ثم إن فسرنا الإخبات بالطمأنينة كان المراد أنهم يعبدون الله وكانت قلوبهم عند أداء العبادات مطمئنة بذكر الله ، فارغة عن الالتفات إلى ما سوى الله تعالى . أو يقال : إنما قلوبهم صارت مطمئنة إلى صدق الله بكل ما وعدهم من الثواب والعقاب ، وأما إن فسرنا الإخبات بالخشوع كان معناه أنهم يأتون بالأعمال الصالحة خائفين وجلين من أن يكونوا أتوا بها مع وجود الإخلال والتقصير ، ثم بين أن من حصل له هذه الصفات الثلاثة فهم أصحاب الجنة ، ويحصل لهم الخلود في الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية