الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ نادى ربك موسى كلام مستأنف مقرر لسوء حالهم، ومسل له - صلى الله عليه وسلم - أيضا لكن بنوع آخر من أنواع التسلية على ما قيل: وإذ منصوب على المفعولية بمقدر خوطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - معطوف على ما قبله عطف القصة على القصة، والتقدير عند بعض: واذكر في نفسك وقت ندائه تعالى أخاك موسى - عليه السلام - وما جرى له مع قومه من التكذيب مع ظهور الآيات وسطوع المعجزات؛ لتعلم أن تكذيب الأمم لأنبيائهم ليس بأول قارورة كسرت، ولا بأول صحيفة نشرت، فيهون عليك الحال، وتستريح نفسك مما أنت فيه من البلبال.

                                                                                                                                                                                                                                      وعند شيخ الإسلام: واذكر لقومك وقت ندائه تعالى موسى - عليه السلام - وذكرهم بما جرى على قوم فرعون بسبب تكذيبهم إياه - عليه السلام - زاجرا لهم عما هم عليه من التكذيب، وتحذيرا من أن يحيق بهم مثل ما حاق بهم حتى يتضح لديك أنهم في غاية العناد والإصرار لا يردعهم أخذ أضرابهم من المكذبين الأشرار، ولا يؤثر فيهم الوعظ والإنذار، وهذا التقدير يناسب صدر القصة الآتية أعني قوله تعالى: واتل عليهم نبأ إبراهيم والأول يناسب القصص المصدرة بـ(كذبت) على ما قيل.

                                                                                                                                                                                                                                      والأظهر عندي تقدير (واذكر) لقومك لوضوح اقتضاء ( واتل عليهم ) له، ولا نسلم اقتضاء تلك القصص المصدرة بـ(كذبت) تقدير (اذكر) في نفسك، وأمر المناسبة مشترك وإن سلم اختصاصها به فهي لا تقاوم الاقتضاء المذكور.

                                                                                                                                                                                                                                      نعم، الأظهر أن يكون وجه التسلي بما ذكر كونه - عليه الصلاة والسلام - ليس بدعا من الرسل، ولا قومه بدعا من الأقوام في التكذيب مع ظهور الآيات وسطوع المعجزات، وقد تضمن الأمر بذكر ذلك لهم الأمر بالتسلي به على أتم وجه، فتدبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وأيا ما كان فوجه توجيه الأمر بالذكر إلى الوقت - مع أن المقصود ذكر ما فيه - قد مر مرارا، وقيل: إن ذلك المقدر معطوف على مقدر آخر، أي: خذ الآيات، أو ترقب إتيان الأنباء واذكر، وهو تكلف لا حاجة إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (إذ) ظرف لـ(قال) بعد وليس بذاك، ومعنى نادى دعا، وقيل: [ ص: 64 ] أمر أن ائت أي: بأن ائت، على أن (أن) مصدرية حذف عنها حرف الجر، أو أي: ائت على أنها مفسرة.

                                                                                                                                                                                                                                      القوم الظالمين بالكفر والمعاصي، واستعباد بني إسرائيل، وذبح أبنائهم، وليس هذا مطلع ما ورد في حيز النداء، وإنما هو ما فصل في سورة طه من قوله تعالى: إني أنا ربك إلى قوله سبحانه: لنريك من آياتنا الكبرى وسنة القرآن الكريم إيراد ما جرى في قصة واحدة من المقالات بعبارات شتى وأساليب مختلفة؛ لاقتضاء المقام ما يكون فيه من العبارات، كما حقق في موضعه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية