الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وعليه نفقة زوجة أبيه وأم ولده بل وتزويجه أو تسريه ، ولو له زوجات فعليه نفقة واحدة يدفعها للأب ليوزعها عليهن . وفي المختار والملتقى : ونفقة زوجة الابن على أبيه إن كان صغيرا فقيرا أو زمنا . وفي واقعات المفتين لقدري أفندي : ويجبر الأب - - [ ص: 617 ] على نفقة امرأة ابنه الغائب وولدها ، وكذا الأم على نفقة الولد لترجع بها على الأب ، وكذا الابن على نفقة الأم ليرجع على زوج أمه ، وكذا الأخ على نفقة أولاد أخيه ليرجع بها على الأب ، وكذا الأبعد إذا غاب الأقرب انتهى . .

التالي السابق


مطلب في نفقة زوجة الأب ( قوله وعليه نفقة زوجة أبيه ) أي في رواية . وفي أخرى إن كان الأب مريضا أو به زمانة يحتاج للخدمة . قال في المحيط : فعلى هذا لا فرق بين الأب والابن ، فإن الابن إذا كان بهذه المثابة يجبر الأب على نفقة خادمه . قال في البحر : وظاهر الذخيرة أن المذهب عدم وجوب نفقة امرأة الأب أو جاريته أو أم ولده حيث لم يكن بالأب علة ، وأن الوجوب مطلقا عن رواية أبي يوسف . وفي حاشية الرملي : والذي تحرر من المذهب أنه لا فرق بين الأب والابن في نفقة الخادم وأنه إذا احتاج أحدهما لخادم وجبت نفقته كما وجبت نفقة المخدوم فكان من جملة نفقته ، وإذا لم يحتج إليه فلا تجب عليه ، فاعلم ذلك واغتنمه فإنه كثير الوقوع ، والله سبحانه وتعالى أعلم . ا هـ

قلت : بقي ما إذا كانت الزوجة أم الابن فهل تجب نفقتها في هذه الحالة على الابن أم لا ؟ فإن كانت معسرة فالظاهر وجوبها عليه ، ولو لم يكن الأب محتاجا إليها لقولهم لا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد ; وأما لو كانت موسرة والأب محتاج إليها فكذلك ، وإلا فالظاهر أنه يؤمر بها ليرجع على أبيه أو تنفق هي لترجع على الأب ، وهذا أقرب تأمل ( قوله بل وتزويجه أو تسريه ) ذكره في الشرنبلالية أيضا عن الجوهرة ، وهو مخالف لما مر في باب نكاح الرقيق وعزوناه إلى الزيلعي والدرر وشروح الهداية فيقدم على ما هنا ( قوله فعليه نفقة واحدة ) بالإضافة ، فلو موسرات فالوسط ، أو معسرات فالدون ، ولو مختلفات فالظاهر أنه يدفع نصف نفقة الوسط ونصف الدون أفاده ط ( قوله ليوزعها عليهن ) ولهن رفع أمرهن للقاضي ليأمرهن باستدانة الباقي من كفايتهن لتكون دينا على الزوج . وتجب الإدانة على من تجب عليه نفقتهن كما تقدم فافهم .

( قوله وفي المختار والملتقى إلخ ) هذا خلاف نص المذهب كما قدمناه أول الباب فافهم ( قوله أو زمنا ) أي أو كبيرا زمنا ( قوله لقدري أفندي ) هو من متأخري علماء الروم ، اسمه عبد القادر ( قوله ويجبر الأب إلخ ) هذه العبارة في القنية والمجتبى ، وقد علمت أن المذهب عدم [ ص: 617 ] وجوب النفقة لزوجة الابن ولو صغيرا فقيرا ، فلو كان كبيرا غائبا بالأولى إلا أن يحمل على أن الوجوب هنا بمعنى أن الأب يؤمر بالإنفاق عليها ليرجع بها على الابن إذا حضر ، لكن تقدم أن زوجة الغائب يفرض القاضي لها النفقة على زوجها ويأمرها بالاستدانة وأنه تجب الإدانة على من تجب عليه نفقتها ( قوله وكذا الأم إلخ ) أي إذا غاب الأب ولم يترك نفقة تجبر الأم على الإنفاق على الولد من مالها إن كان لها مال كما في الخانية ، وقدم الشارح عن البحر تفريعا على قول زفر المفتى به أنها تقبل بينتها على النكاح إن لم يكن القاضي عالما به ثم يفرض لهم ويأمرها بالإنفاق والاستدانة لترجع . ا هـ . ولا يخفى أن هذا كله فيما إذا لم يترك مالا عنده أو على من يقر به وبالزوجية والولاد ، وإلا فقد مر أنه يفرض لها في ذلك المال ، وكذا لو ترك مالا في بيته كما مر بيانه ( قوله وكذا الابن ) أي الموسر إذا غاب زوج أمه الفقيرة ، هذا ظاهر السياق ; لأن كلامه في الغيبة ، ويحتمل أن يكون المراد ما إذا كان الزوج حاضرا وهو معسر ، لكن هذه تقدمت قبيل قوله قضى بنفقة الإعسار ، وهذا إذا كان زوجها غير أبيه ، فلو كان أباه وهو معسر فهل يرجع عليه إذا أيسر ؟ قدمنا الكلام عليه قريبا ( قوله وكذا الأخ إلخ ) الظاهر أنه مقيد بما إذا لم يكن للأولاد أم موسرة لما مر من أن الأم أولى بالتحمل من سائر الأقارب ; لأنها أقرب إلى أولادها ( قوله وكذا الأبعد إذا غاب الأقرب ) عطف عام على خاص ، فيشمل ما إذا كان الغائب ابنا أو أبا أو أما أو أخا والحاضر الموسر خال أو عم أو جد ، وقد استفيد مما هنا وكذا مما قدمناه عن جوامع الفقه أن الغيبة كالإعسار في وجوب النفقة على الأبعد ورجوعه على الأقرب بعد حضوره أو يساره ، وليس الرجوع على الأب خاصا بالأم خلافا لقوله المار إلا لأم موسرة .




الخدمات العلمية