الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الرابع ) : المدر الذي يأكله الناس ذكر المصنف في الأطعمة في كراهة أكله ، ومنعه قولين ، وذكرهما ابن رشد في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان ، وعزا القول بالكراهة لمحمد ، والقول بالتحريم لابن الماجشون ، وذكر صاحب المدخل أن المشهور التحريم ، واقتصر ابن عرفة على نقل قول ابن الماجشون ، وأما بيعه فقال ابن عرفة : في كراهة بيعه وحرمته ثالثها الوقف لسماع ابن القاسم ما يعجبني بيعه وأرى منع بيعه ، وقال سحنون : لا يصح بيعه ، ولا ملكه ، ونقل عن محمد بن رشد إن كان فيه نفع غير الأكل جاز بيعه ممن يؤمن أن يبيعه ممن يأكله انتهى . وهذه المسألة في الرسم المذكور وظاهره المنع لا الكراهة ، وسئل عن المدر الذي يأكله الناس فقال : ما يعجبني ذلك أن يباع ما يضر بالناس فإنه ينبغي أن ينهى الناس عما يضرهم في دينهم ودنياهم ثم قال : يقول الله تعالى { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } أفي الطين من [ ص: 266 ] الطيبات إني لأرى لصاحب السوق منعهم من بيعه ابن رشد هذا كما قال : إذا كانوا يأكلونه ، وهو مضر بهم فلا ينبغي أن يباع ، ويجب على الإمام أن ينهى عن ذلك ، وهذا إذا لم يكن له ، وجه إلا الأكل ، وهو مضر بكل حال فهو كالسم الذي أجمع العلماء على تحريم بيعه وقال سحنون في كتاب الشرح : لا يحل بيعه ، ولا ملكه ، وأما إذا كانت منفعته لغير الأكل فلا معنى أن يمنع من بيعه جملة ، وإنما ينبغي أن يباع ممن يصرفه في غير الأكل ويؤمر أن يبيعه ممن يأكله وقد كان ابن المواز كره أكله فأما بيعه فلا أدري قد يشترى لغير ، وجه ، وقال ابن الماجشون : أكله حرام انتهى .

                                                                                                                            فإن كان ابن عرفة اعتمد فيما نقل عن سحنون على ما تقدم في كلام ابن رشد أعني قوله قال سحنون في كتاب الشرح : لا يحل بيعه ، ولا تملكه إلى آخر كلامه بعد قوله كالسم الذي أجمع العلماء على تحريم بيعه فالظاهر أنه إنما هو عائد على السم ، ويبين ذلك كلام سحنون المتقدم في الفرع الثاني من هذه القولة وكذلك ما نقل عن محمد من الوقف الظاهر أنه من كلام ابن رشد فتأمله ، والله أعلم . فالمدر فيه منفعة محرمة وهي الأكل على المشهور وفيه منافع أخر مباحة فإن قصدت المنفعة المحرمة منع البيع ، وإن قصدت غيرها جاز والله أعلم ، وقال في المتيطية : ويكره بيع الطين للأكل ، ولا بأس ببيعه لغير ذلك ، وقال ابن الماجشون : أكله حرام انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية