الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 320 - 321 ] فصل في الكتابة الفاسدة

                                                                                                        قال : ( وإذا كاتب المسلم عبده على خمر أو خنزير أو على قيمة نفسه فالكتابة فاسدة ) أما الأول ; فلأن الخمر والخنزير لا يستحقه المسلم ; لأنه ليس بمال في حقه ، فلا يصلح بدلا فيفسد العقد ، وأما الثاني ; فلأن القيمة مجهولة قدرا وجنسا ووصفا فتفاحشت الجهالة ، وصار كما إذا كاتب على ثوب أو دابة ; ولأنه تنصيص على ما هو موجب العقد الفاسد ; لأنه موجب للقيمة .

                                                                                                        قال : ( فإن أدى الخمر عتق ) وقال زفر رحمه الله لا يعتق إلا بأداء قيمة نفسه ; لأن البدل هو القيمة .

                                                                                                        وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يعتق بأداء الخمر ; لأنه بدل صورة ، ويعتق بأداء القيمة أيضا ; لأنه هو البدل معنى .

                                                                                                        وعن أبي حنيفة أنه إنما يعتق بأداء عين الخمر إذا قال إن أديتها فأنت حر ; لأنه حينئذ يكون العتق بالشرط لا بعقد الكتابة وصار كما إذا كاتب على ميتة أو دم ، ولا فصل في ظاهر الرواية ووجه الفرق بينهما وبين الميتة أن الخمر والخنزير مال في الجملة فأمكن اعتبار معنى العقد فيهما وموجبه العتق عند أداء العوض المشروط ، وأما الميتة : فليست بمال أصلا فلا يمكن اعتبار معنى العقد فيه فاعتبر فيه معنى الشرط وذلك بالتنصيص عليه ( وإذا عتق بأداء عين الخمر لزمه أن يسعى في قيمته ) ; لأنه وجب عليه رد رقبته لفساد العقد ، وقد تعذر بالعتق فيجب رد قيمته كما في البيع الفاسد إذا تلف المبيع .

                                                                                                        قال : ( ولا ينقص عن المسمى ويزاد عليه ) ; لأنه عقد فاسد فتجب القيمة عند هلاك المبدل بالغة ما بلغت كما في البيع الفاسد ، وهذا ; لأن المولى ما رضي بالنقصان والعبد رضي بالزيادة كي لا يبطل حقه في العتق أصلا فتجب القيمة بالغة ما بلغت وفيما إذا كاتبه على قيمته يعتق بأداء القيمة ; لأنه هو البدل وأمكن اعتبار معنى العقد فيه وأثر الجهالة في الفساد ، بخلاف ما إذا كاتبه على ثوب حيث لا يعتق بأداء ثوب ; لأنه لا يوقف فيه على مراد العاقد لاختلاف أجناس [ ص: 322 ] الثوب فلا يثبت العتق بدون إرادته . .

                                                                                                        [ ص: 321 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 321 ] فصل في " المكاتبة الفاسدة "




                                                                                                        الخدمات العلمية