الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التكبيرة الثانية ، لما ذكرناه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو فرض من فروضها لأنها صلاة فوجب فيها الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كسائر الصلوات ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال المصنف وجماهير الأصحاب : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض فيها ، لا تصح إلا به ، وشرطها أن تكون عقب التكبيرة الثانية ، صرح به السرخسي في الأمالي ، وهذا الذي ذكرناه من كون الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة فيها هو المشهور الذي قطع به الأصحاب في جميع طرقهم ، إلا السرخسي ، فإنه نقل في الأمالي عن المروزي من أصحابنا أنها سنة فيها ، والصواب الأول . قال أصحابنا رحمهم الله أقلها : اللهم صل على محمد . ولا تجب على الآل على المذهب وبه قطع الجمهور وفيه وجه أنها تجب ، حكاه الغزالي وغيره ، ونقل المزني في المختصر عن الشافعي أنه يكبر الثانية ، ثم يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، هذا نصه : ( فأما ) الدعاء للمؤمنين فاتفق الأصحاب على استحبابه إلا ما انفرد به إمام الحرمين من حكاية تردد في استحبابه ، ولم يقل أحد بإيجابه . وأما الحمد لله فاتفقوا على أنه لا يجب ، وفي استحبابه ثلاث طرق : ( أحدها ) : وبه قطع الجمهور لا يستحب قالوا : لأنه ليس موضعه ( والثاني ) : يستحب وهو ظاهر النص ، وبه قطع القاضي حسين والفوراني والبغوي والمتولي وغيرهم ( والثالث ) : فيه وجهان : ( أحدهما ) : يستحب ( والثاني ) : لا يستحب ، وممن حكى هذا الطريق الماوردي والروياني والشاشي وآخرون ، ومن قال بالطريق الأول أنكروا نقل المزني ، وقالوا : هذا التحميد في هذا الموضع لا يعرف للشافعي ، بل غلط المزني في نقله . قال إمام الحرمين : اتفق أئمتنا على أن ما نقله المزني هنا غير سديد ، ومن قال بالاستحباب ، قالوا : لم ينقلها المزني عن الشافعي [ ص: 195 ] من كتاب بل سمعها منه سماعا ولا يضر كونه لا يوجد في كتب الشافعي ، فإن المزني ثقة ، ورواية الثقة مقبولة فهذه طرق الأصحاب .

                                      ( والأصح ) استحباب التحميد كما نقله المزني ، قال الأصحاب : فإذا قلنا بالاستحباب بدأ بالتحميد ، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، فإن قدم بعضها على بعض جاز وكان تاركا للأفضل والله أعلم .

                                      ( فرع ) استدل المصنف بحديث ابن عباس وسبق بيانه ، وأن ذكر الصلاة فيه غريب ، وروى الشافعي في الأم عن مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري حديثا فيه التصريح بالصلاة ، لكنه أيضا ضعيف ، قال ابن أبي حاتم : قال ابن معين : رحمة الله عليه : مطرف بن مازن كذاب .




                                      الخدمات العلمية