الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن الحوادث سنة سبع عشرة من مولده صلى الله عليه وعلى آله وسلم

قال مؤلفه : خرج في هذه السنة ملك الترك واسمه ، شابة على هرمز بن [ ص: 302 ] كسرى ، حتى صار إلى هراة في ثلاث مائة ألف مقاتل ، وخرج ملك الروم عليه فصار إلى الضواحي في ثمانين ألف مقاتل .

وخرج ملك الجزر في جمع عظيم .

وخرج رجلان من العرب يقال لأحدهما عباس الأحول والآخر عمرو الأزرق ، فنزلا في جمع عظيم من العرب [على] شاطئ الفرات ، وشنوا الغارة على أهل السواد ، واجترأ أعداء هرمز عليه ، وغزوا بلاده ، وأرسل شابة ملك الترك إلى هرمز يؤذنه بإقباله ، ويقول: رموا القناطر لأجتاز عليها إلى بلادكم ، وافعلوا ذلك في الأنهار التي عليها مسلكي [من بلادكم] إلى بلاد الروم ، لأني أريد أن أسير من بلادكم إليها .

فاستعظم هرمز ما ورد عليه من ذلك ، وشاور فيه ، فأجمع رأيه على القصد إلى ملك الترك ، فوجه إليه رجلا يقال له: بهرام في اثني عشر ألف رجل ، وعرض هرمز من بحضرته ، فكانوا سبعين ألف مقاتل ، فمضى بهرام بمن معه معدا حتى جاز هراة ، ونزل بالقرب من ملك الترك وجرت بينهم وسائل وحروب ، فقتل بهرام شابة برمية منه واستباح عسكره ، ووجه ابنه أسيرا إلى هرمز مع أموال وجواهر وآنية وأمتعة كانت وقر مائتي ألف وخمسين ألف بعير ، فشكر هرمز بهرام بسبب الغنائم التي صارت إليه ، وخاف بهرام وجنوده سطوة هرمز فخلعوا هرمز وأقبلوا نحو المدائن وأظهروا الامتعاض مما كان من هرمز ، وأن ابنه أبرويز أصلح للملك منه ، وساعدهم على ذلك جماعة ممن كان بحضرة هرمز ، فهرب أبرويز بهذا السبب إلى أذربيجان خوفا من هرمز فاجتمع

[ ص: 303 ]

إليه هناك عدة من المرازبة والأصبهبذين ، فأعطوه بيعتهم ، ووثب العظماء والأشراف بالمدائن فخلعوا هرمز وسملوا عينيه وتركوه .

وبلغ الخبر أبرويز ، فأقبل بمن شايعه من أذربيجان إلى دار الملك مسابقا لبهرام ، فاستولى على الملك وتحرز من بهرام ، والتقى هو وهو على شاطئ النهروان ، فجرت بينهما مناظرة ودعا أبرويز بهرام إلى أن يؤمنه ، ويرفع مرتبته ، فلم يقبل ذلك ، وجرت بينهما حروب شديدة اضطرت أبرويز إلى الهرب إلى الروم مستغيثا بملكها .

التالي السابق


الخدمات العلمية