الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
من عليه القصاص في القتل وما دونه

( قال الشافعي ) لا قصاص على من لم تجب عليه الحدود ، وذلك من لم يحتلم من الرجال أو تحض من النساء أو يستكمل خمس عشرة سنة ، وكل مغلوب على عقله بأي وجه ما كانت الغلبة إلا بالسكر فإن القصاص والحدود على السكران كهي على الصحيح وكل من قلنا عليه القصاص فهو بالغ غير مغلوب على عقله والمغلوب على عقله من السكر دون غيره ( قال الشافعي ) وإذا أقر الرجل البالغ وهو غير محجور عليه بالغ يجوز إقراره أنه جنى جناية عمدا ووصف الجناية فأثبتها ، ثم جن أو غلب على عقله فعليه القصاص في العمد منها وأرش الخطأ في ماله ولا يحول ذهاب عقله دون أخذ الحق منه ( قال الشافعي ) ولو أقر بحق لله من زنا أو ارتد ، ثم ذهب عقله لم أقم عليه حد الزنا ولم أقتله بالردة ; لأني أحتاج إلى ثبوته على الإقرار بالزنا وهو يعقل .

وكذلك أحتاج إلى أن أقول له وهو يعقل : إن لم ترجع إلى الإسلام قتلتك .

( قال الشافعي ) ولو أقر وهو بالغ أنه جنى على رجل جناية عمدا وقال كنت يوم جنيت عليه صغيرا كان القول قوله في أن لا قود عليه وعليه أرشها في ماله خطأ فإن أقر بها خطأ لم يضمن العاقلة ما أقر به وضمنه هو في ماله ولو قال : كنت يوم جنيتها عليه ذاهب العقل بالغا فإن كان يعلم أنه ذهب عقله قبل منه وإن لم يعلم أقيد المجني عليه منه ( قال الشافعي ) وحيث قبلت منه فعليه اليمين إن طلبها المدعي ( قال الشافعي ) ولو شهد الشهود على رجل أنه جنى على رجل جناية عمدا سألتهم أكان بالغا أو صغيرا ؟ . فإن لم يثبتوه بالغا والمشهود عليه ينكر الجناية أو يقول : كانت وأنا صغير جعلتها جناية صغير وجعلت أرشها في ماله ولم أقد منه .

( قال ) ولو أن رجلا يجن ويفيق جنى على رجل فقال جنيت عليه في حال جنونه كان القول قوله ، ولو شهد الشهود عليه بالجناية ولم يثبتوا كان ذلك في حال جنونه أو إفاقته كان هكذا وإن أثبتوا أنه كان في حال إفاقته فعليه القصاص وهكذا من غلب على عقله بمرض أي مرض كان أو وجه من الوجوه ما كان غير السكر ولو أثبتوا أن مجنونا جنى وهو سكران وقالوا : لا ندري ذهاب عقله من السكر أو من العارض الذي به ؟ جعلت القول قوله ، ولو أثبتوا أنه كان مفيقا من الجنون وأن السكر كان أذهب عقله جعلت عليه القود ولو شهد شهود على أنه جنى مغلوبا على عقله ، وآخرون أنه جنى هذه الجناية غير مغلوب على عقله ألغيت البينتين لتكافئهما وجعلت القول قوله مع يمينه ولو كان يجن ويفيق فشهد له شهود بأنه جنى مغلوبا على عقله وقال هو بل جنيت وأنا أعقل قبلت قوله وجعلت عليه القود .

التالي السابق


الخدمات العلمية