الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب الفيء أصله من الرجوع يقال فاء الظل إذا رجع نحو المشرق ، وسمي المال الحاصل على ما يذكره فيئا ; لأنه رجع من المشركين إليهم ، والأصل فيه قوله تعالى { وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ، ولا ركاب - } الآيتين ( وهو ما أخذ من مال كافر بحق الكفر ) احترازا عما أخذ من ذمي غصبا ، ونحوه أو بيع ، ونحوه ( بلا قتال ) خرج الغنيمة ( كجزية ، وخراج ، وزكاة تغلبي ، وعشر مال تجارة حربي ) اتجر به إلينا .

                                                                                                                      ( ونصفه ) أي : نصف عشر مال تجارة من ذمي اتجر إلى غير بلده ، ( وما تركوه ) فزعا ( وهربوا أو بذلوه فزعا منا في الهدنة ، وغيرها ، وخمس خمس الغنيمة ) ، ومال من مات منهم ، ولا وارث له يستغرق ( ومال المرتد إذا مات على ردته ) بقتل أو غيره ( فيصرف في مصالح ) أهل ( الإسلام ) للآيتين .

                                                                                                                      ، ولهذا لما قرأ عمر { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله - } حتى بلغ - { والذين جاءوا من بعدهم } قال هذه استوعبت المسلمين . وقال أيضا " " ما من أحد من المسلمين [ ص: 101 ] إلا له في هذا المال نصيب إلا العبيد وذكر أحمد الفيء فقال : فيه حق لكل المسلمين وهو بين الغني والفقير ، ولأن المصالح نفعها عام والحاجة داعية إلى فعلها تحصيلا لها .

                                                                                                                      ( ويبدأ بالأهم فالأهم ) من المصالح العامة لأهل الدار التي بها حفظ المسلمين فيبدأ ( بجند المسلمين ) الذين يذبون عنهم ( ثم بالأهم فالأهم من عمارة الثغور بمن فيه كفاية ) وهم أهل القوة من الرجال الذين لهم منعة وأسلحة .

                                                                                                                      ( وكفاية أهلها ) أي : القيام بكفاية أهل الثغور ( وما يحتاج إليه من يدفع عن المسلمين من غير أهل السلاح والكراع ) أي : الخيل ( ثم الأهم فالأهم من سد البثوق جمع بثق ) بتقديم الموحدة ( وهو الخرق في أحد حافتي النهر ) وهو حرف الجسور لحصول النفع بعلو الماء بسبب ذلك ( وكري الأنهار أي : حفرها وتنظيفها وعمل القناطر أي : الجسور و ) إصلاح ( الطريق والمساجد وأرزاق القضاة والأئمة والمؤذنين والفقهاء ومن يحتاج إليه المسلمون وكل ما يعود نفعه على المسلمين ) لأن ذلك من المصالح العامة أشبه الأول ( ولا يخمس ) لأن الله تعالى أضافه إلى أهل الخمس كما أضاف خمس الغنيمة فإيجاب الخمس فيه لأهله دون باقيه منع لما جعله الله تعالى لهم بغير دليل ، ولو أريد الخمس منه لذكره الله تعالى كما ذكره في خمس الغنيمة ، فلما لم يذكره ظهر إرادة الاستيعاب .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية