الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في بيان دليل من أوجب عيادة المريض .

وأما دليل من أوجب عيادة المريض فقوله عليه الصلاة والسلام { : خمس تجب للمسلم على أخيه : رد السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة وعيادة المريض واتباع الجنازة } . متفق عليه وفي لفظ { حق المسلم على المسلم خمس } روى ذلك البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . وفي رواية لمسلم { على المسلم ست قيل : وما هن يا رسول الله [ ص: 7 ] قال : إذا لقيته فسلم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه } .

فهذا يدل على الوجوب دلالة بينة والله أعلم . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا بن آدم مرضت فلم تعدني قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي } .

وأخرج الإمام أحمد ، والبزار وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : عودوا المرضى واتبعوا الجنائز تذكركم الآخرة } .

وأخرج عنه ابن حبان في صحيحه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة : من عاد مريضا وشهد جنازة وصام يوما وراح إلى الجمعة وأعتق رقبة } .

وأخرج الإمام أحمد والطبراني واللفظ له وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله عز وجل : من عاد مريضا ، أو خرج مع جنازة ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمام يريد تعزيره وتوقيره ، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس } .

وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجه واللفظ له : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من عاد مريضا ناداه مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا } ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ : { إذا عاد الرجل أخاه ، أو زاره قال الله تعالى : طبت وطاب ممشاك وتبوأت منزلا في الجنة } .

ومن قال بعدم الوجوب يجيب بأن الأمر بذلك محمول على مزيد الترغيب في عيادة المريض والاعتناء بها والاهتمام بشأنها والله الموفق .

( تنبيهان ) :

( الأول ) قول [ ص: 8 ] الناظم رحمه الله تعالى : تصلي على من عاد يمشي قد يفهم منه اعتبار المشي في حصول الثواب ولم أره في شيء من الأحاديث ، ولعل محترزه غير مراد والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية