الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإذا ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه ، كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما ، فإن لم يقبلوا ، قيل : للخصم : حقق ما تدعيه ، ثم يحضره ، وإن بعدت المسافة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه ، كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما ) نقول إذا استعدى على غائب في غير ولاية القاضي لم يكن له أن يعدي عليه . وإن كان في ولايته وله هناك خليفة ، فإن كانت له بينة ثبت له الحق عنده ، وكتب إلى خليفته ولم يحضره . وإن لم تكن له بينة حاضرة نفذ إلى خصمه ليحاكمه عند خليفته ، فإن لم يكن له خليفة كان فيه من يصلح للقضاء أذن له في الحكم بينهما ، وإن لم يكن فيه من يصلح بعث إلى ثقة يتوسط [ ص: 55 ] بينهما ; لأن ذلك طريق إلى قطع الخصومة ، مع عدم المشقة الحاصلة بالإحضار . ( فإن لم يقبلوا ) أي : إذا تعذر أو أبى الخصمان قبول ذلك . ( قيل للخصم : حقق ما تدعيه ) لأنه يجوز أن يكون ما يدعيه ليس بحق عنده ، كالشفعة للجار ، وقيمة الكلب ، فلا يكلف الحضور ، لما لا يقضى عليه به مع المشقة فيه ، بخلاف الحاضر . ( ثم يحضره ، وإن بعدت المسافة ) ذكره الأصحاب ، وهو المذهب ; لأنه لا بد من فصل الخصومة ، وقد تعين بذلك . وقيل : لدون مسافة القصر . وعنه : لدون يوم . جزم به في " التبصرة " وزاد : بلا مؤنة ومشقة .

                                                                                                                          وفي " الترغيب " : لا يحضره مع البعد حتى تتحرر دعواه . وفيه يتوقف إحضاره على سماع البينة ، إن كان مما لا يقضى فيه بالنكول .

                                                                                                                          قال : وذكر بعض أصحابنا لا يحضره مع البعد حتى يصح عنده ما ادعاه . تنبيه : إذا ادعى قبله شهادة لم تسمع ولم يعد عليه ولم يحلف ، خلافا للشيخ تقي الدين ، وهو ظاهر نقل صالح وحنبل .

                                                                                                                          ولو قال : أنا أعلمها ولا أؤديها . فظاهر ، ولو نكل لزمه ما ادعى به . إن قيل : كتمانها موجب لضمان ما تلف ، ولا يبعد ، كما يضمن من ترك الإطعام الواجب . وكونه لا يحصل المقصود لفسقه بكتمانه لا ينفي ضمانه في نفس الأمر . والله أعلم .




                                                                                                                          الخدمات العلمية