الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان القصد من السورة التسلية عن عدم إيمانهم بأنه لسفول شأنهم ، لا لخلل في بيانه ، ولا لنقص في شأنه ، قال تعالى [موضحا لتمكنه من قبله] : بلسان عربي . ولما كان في العربي ما هو حوشي لفظا أو تركيبا ، مشكل على كثير من العرب ، قال : مبين أي : بين في نفسه كاشف لما يراد منه غير تارك لبسا عند من تدبره [ ص: 98 ] حق تدبره على ما يتعارفه العرب في مخاطباتها ، من سائر لغاتها ، بحقائقها ومجازاتها على اتساع إراداتها ، وتباعد مراميها في محاوراتها ، وحسن مقاصدها في كناياتها واستعاراتها ، ومن يحيط بذلك حق الإحاطة غير العليم الحكيم الخبير البصير ، وإنما كانت عربيته وإبانته موضحة لسبقه قلبه ، لأن من تكلم بلغته -فكيف بالبين منها- تسبق المعاني الألفاظ إلى قلبه ، فلو كان أعجميا لكان نازلا على السمع ، لأنه يسمع أجراس حروف لا يفهم معانيها; قال الكشاف : وقد يكون الرجل عارفا بعدة لغات ، فإذا كلم بلغته التي لقنها أولا ونشأ عليها وتطبع بها لم يكن قلبه إلا إلى المعاني ، ولا يكاد يفطن للألفاظ ، وإن كلم بغيرها وإن كان ماهرا فيها كان نظره أولا في ألفاظها ثم في معانيها - انتهى. ففيه تقريع عظيم لمن يعرف لسان العرب ولا يؤمن به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية