الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 302 ] غزوة السويق في ذي الحجة منها ، وهي غزوة قرقرة الكدر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال السهيلي : والقرقرة : الأرض الملساء والكدر : طير في ألوانها كدرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وكان أبو سفيان - كما حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، ويزيد بن رومان ، ومن لا أتهم ، عن عبد الله بن كعب بن مالك وكان من أعلم الأنصار - حين رجع إلى مكة ورجع فل قريش من بدر نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا ، فخرج في مائتي راكب من قريش لتبر يمينه ، فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له : ثيب . من المدينة على بريد أو نحوه ، ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير تحت الليل ، فأتى حيي بن أخطب فضرب عليه بابه ، فأبى أن يفتح له وخافه ، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك ، وصاحب كنزهم ، فاستأذن عليه فأذن له ، فقراه وسقاه ، وبطن له من خبر [ ص: 303 ] الناس ، ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه ، فبعث رجالا من قريش فأتوا ناحية منها يقال لها : العريض . فحرقوا في أصوار من نخل بها ، ووجدوا رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما ، فقتلوهما وانصرفوا راجعين ، فنذر بهم الناس ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن هشام : واستعمل على المدينة أبا لبابة بشير بن عبد المنذر . قال ابن إسحاق : فبلغ قرقرة الكدر ، ثم انصرف راجعا ، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه ، ووجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أزوادا كثيرة قد ألقاها المشركون يتخففون منها وعامتها سويق ، فسميت غزوة السويق . قال المسلمون : يا رسول الله ، أنطمع أن تكون هذه لنا غزوة ؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وقال أبو سفيان فيما كان من أمره هذا ، ويمدح سلام بن مشكم اليهودي :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وإني تخيرت المدينة واحدا لحلف فلم أندم ولم أتلوم [ ص: 304 ]     سقاني فرواني كميتا مدامة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      على عجل مني سلام بن مشكم     ولما تولى الجيش قلت ولم أكن
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لأفرحه أبشر بغزو ومغنم     تأمل فإن القوم سر وإنهم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صريح لؤي لا شماطيط جرهم     وما كان إلا بعض ليلة راكب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أتى ساعيا من غير خلة معدم



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية