الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقيله يا رب [88]

                                                                                                                                                                                                                                        هذه قراءة المدنيين وأبي عمرو والكسائي ، وقرأ الكوفيون غير [ ص: 123 ] الكسائي ( وقيله ) بالخفض ، وزعم هارون القارئ أن الأعرج قرأ ( وقيله) بالرفع . قال أبو جعفر : ( وقيله) بالنصب من خمسة أوجه : قال الأخفش سعيد : "وقيله" بالنصب من وجهين؛ يكون بمعنى أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم وقيله ، والوجه الثاني أن يكون مصدرا . وقال أبو إسحاق : المعنى وعنده علم الساعة ويعلم قيله لأن معنى وعنده علم الساعة ويعلم الساعة أي يعلم وقت الساعة وهو الغيب ويعلم قيله وهو الشهادة . والقول الرابع أن يكون المعنى إلا من شهد بالحق وهم يعلمون الحق وقيله . والقول الخامس ورسلنا لديهم يكتبون ذلك وقيله . قال أبو إسحاق : والخفض بمعنى وعنده علم الساعة وعلم قيله . قال أبو جعفر : والرفع بالابتداء . قال الفراء : كما تقول نداؤه هذه الكلمة وقدره غيره بمعنى وقيله يا رب ويقال : قال قولا وقيلا وقالا بمعنى واحد . والقراءة البينة بالنصب من جهتين : إحداهما أن المعطوف على المنصوب يحسن أن يفرق بينهما وإن تباعد ذلك لانفصال العامل من المعمول فيه مع المنصوب وذلك في المخفوض إذا فرقت بينهما قبيح ، والجهة الأخرى أن أهل التأويل يفسرون الآية على معنى النصب ، كما روى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : ( وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) قال : فأخبر الله جل وعز عن محمد صلى الله عليه وسلم ، وروى معمر عن قتادة و"قيله يا رب" قال : قول النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، فالهاء في "وقيله" على هذا عائدة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قيل : إن الهاء راجعة إلى قوله ( ولما ضرب ابن مريم مثلا ) أي ويسمع قول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم لما يئس من صلاح قومه [ ص: 124 ] وإيمانهم ( إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) والأولى بالصواب القول الأول أن تكون الهاء عائدة على نبينا صلى الله عليه وسلم لجهتين : إحداهما أن ذكره أقرب إلى المضمر؛ لأن المعنى : قل يا محمد إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين . والجهة الأخرى أن الذي بعده مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم بإجماع وهو

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية