الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6948 [ ص: 89 ] باب قول الله تعالى : وهو العزيز الحكيم ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ولله العزة ولرسوله ومن حلف بعزة الله وصفاته .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في قول الله - عز وجل - وهو العزيز الحكيم ذكر فيه ثلاث قطع من ثلاث آيات . ( الأولى ) قوله تعالى : وهو العزيز الحكيم فالعزيز متضمن للعزة ، ويجوز أن يكون صفة ذات ، يعني القدرة والعظمة ، وأن يكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم ، وقال الحليمي : معناه الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه ، فإن العزيز في لسان العرب من العزة وهي الصلابة ، وقال الخطابي : العزيز المنيع الذي لا يغلب ، والعز قد يكون من الغلبة ، يقال : منه عز يعز بفتح العين ، وقد يكون بمعنى نفاسة القدر ، يقال : منه عز يعز بكسر العين ، فيؤول معنى العز على هذا ، وأنه لا يعازه شيء . قوله : " الحكيم " متضمن لمعنى الحكمة ، وهو إما صفة ذات يكون بمعنى العلم ، والعلم من صفات الذات ، وإما صفة فعل بمعنى الأحكام .

                                                                                                                                                                                  ( الآية الثانية ) سبحان ربك رب العزة ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد ههنا القهر والغلبة ، ويحتمل أن يكون الإضافة للاختصاص ، كأنه قيل : ذو العزة ، وأنها من صفات الذات ، والتعريف في العزة للجنس ، فإذا كانت العزة كلها لله تعالى فلا يصح أن يكون أحد معتزا إلا به ، ولا عزة لأحد إلا وهو مالكها .

                                                                                                                                                                                  ( والآية الثالثة ) يعرف حكمها من الثانية ، وهي بمعنى الغلبة ; لأنها جواب لمن ادعى أنه الأعز وأن ضده الأذل ، فرد عليه بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فهو كقوله : كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز

                                                                                                                                                                                  قوله : " ومن حلف بعزة الله وصفاته " كذا في رواية الأكثرين ، وفي رواية المستملي وسلطانه بدل وصفاته ، والأول أولى ، وقد تقدم في كتاب الأيمان والنذور باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه ، وقد تقدم الكلام فيه ، وقال ابن بطال ما ملخصه : الحالف بعزة الله التي هي صفة ذات يحنث ، والحالف بعزة الله التي هي صفة فعل لا يحنث ، بل هو منهي عن الحلف بها كما نهي عن الحلف بحق السماء وحق زيد ، انتهى ، لكن إذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقد اليمين ، إلا إن قصد خلاف ذلك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية