الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3731 ) فصول في العبد المأذون له : يجوز أن يأذن السيد لعبده في التجارة بغير خلاف نعلمه ; لأن الحجر عليه إنما كان لحق سيده ، فجاز له التصرف بإذنه . وينفك عنه الحجر في قدر ما أذن له فيه ; لأن تصرفه إنما جاز بإذن سيده ، فزال الحجر في قدر ما أذن فيه ، كالوكيل . فإن دفع إليه مالا يتجر به كان له أن يبيع ويشتري ويتجر فيه .

                                                                                                                                            وإن أذن له أن يشتري في ذمته ، جاز . وإن عين له نوعا من المال يتجر فيه ، جاز ، ولم يكن له التجارة في غيره . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : يجوز أن يتجر في غيره ، وينفك عنه الحجر مطلقا ; لأن إذنه إطلاق من الحجر وفك له ، والإطلاق لا يتبعض ، كبلوغ الصبي .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه متصرف بالإذن من جهة الآدمي ، فوجب أن يختص ما أذن له فيه ، كالوكيل والمضارب . وما قاله ينقض بما إذا أذن له في شراء ثوب ليلبسه ، أو طعام ليأكله ، ويخالف البلوغ ; فإنه يزول به المعنى الموجب للحجر ، فإن البلوغ مظنة كمال العقل ، الذي يتمكن به من التصرف على وجه المصلحة ، وها هنا الرق سبب الحجر ، وهو موجود ، فنظير البلوغ في الصبي العتق للعبد ، وإنما يتصرف العبد بالإذن ، ألا ترى أن الصبي يستفيد بالبلوغ قبول النكاح ، بخلاف العبد ،

                                                                                                                                            ( 3732 ) فصل : وإذا أذن له في التجارة ، لم يجز له أن يؤجر نفسه ، ولا يتوكل لإنسان . وبه قال الشافعي . وأباحهما أبو حنيفة ; لأنه يتصرف لنفسه ، فملك ذلك كالمكاتب .

                                                                                                                                            [ ص: 50 ] ولنا ، أنه عقد على نفسه ، فلا يملكه بالإذن في التجارة ، كبيع نفسه وتزوجه . وقولهم : إنه يتصرف لنفسه . ممنوع ، بل يتصرف لسيده ، وبهذا فارق المكاتب فإن المكاتب يتصرف لنفسه ، ولهذا كان له أن يبيع من سيده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية