الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب القضاء في مال العبد إذا عتق

                                                                                                          حدثني مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول مضت السنة أن العبد إذا أعتق تبعه ماله

                                                                                                          قال مالك ومما يبين ذلك أن العبد إذا أعتق تبعه ماله أن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله وإن لم يشترطه المكاتب وذلك أن عقد الكتابة هو عقد الولاء إذا تم ذلك وليس مال العبد والمكاتب بمنزلة ما كان لهما من ولد إنما أولادهما بمنزلة رقابهما ليسوا بمنزلة أموالهما لأن السنة التي لا اختلاف فيها أن العبد إذا عتق تبعه ماله ولم يتبعه ولده وأن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله ولم يتبعه ولده قال مالك ومما يبين ذلك أيضا أن العبد والمكاتب إذا أفلسا أخذت أموالهما وأمهات أولادهما ولم تؤخذ أولادهما لأنهم ليسوا بأموال لهما قال مالك ومما يبين ذلك أيضا أن العبد إذا بيع واشترط الذي ابتاعه ماله لم يدخل ولده في ماله قال مالك ومما يبين ذلك أيضا أن العبد إذا جرح أخذ هو وماله ولم يؤخذ ولده

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          4 - باب مال العبد إذا عتق

                                                                                                          1508 1459 - ( مالك ، عن ابن شهاب أنه سمعه يقول : مضت السنة أن العبد إذا أعتق ) بفتح [ ص: 143 ] الهمزة والفوقية وبضم الهمزة وكسر الفوقية لأنه يبنى للمفعول إذا كان فيه همزة التعدية ( تبعه ماله ) إلا أن يستثنيه السيد قبل أن يعتقه ، قال أبو عمر : قالوا لم يكن أحد أعلم بسنة ماضية من الزهري . ( قال مالك : ومما يبين ذلك ) وأبدل من هذه الإشارة قوله : ( أن العبد إذا أعتق تبعه ماله ) كما قال ابن شهاب . ( وأن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله وإن لم يشترطه ) ؛ لأنه أحرز نفسه وماله بالكتابة ( وذلك أن عقد الكتابة هو عقد الولاء إذا تم ذلك ) بأداء الكتابة ( وليس مال العبد والمكاتب بمنزلة ما كان لهما من ولد إنما أولادهما بمنزلة رقابهما ) أي ذواتهما ( ليسوا بمنزلة أموالهما ; لأن السنة التي لا اختلاف فيها أن العبد إذا عتق تبعه ماله ولم يتبعه ولده ، وأن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله ولم يتبعه ولده ) لأن الأولاد ذوات كالآباء فلا يدخلون في الكتابة ولا العتق للآباء ( ومما يبين ذلك أيضا أن العبد والمكاتب إذا أفلسا أخذت أموالهما وأمهات أولادهما ولم تؤخذ أولادهما ؛ لأنهم ليسوا بأموال لهما ) بل لسادتهما . ( ومما يبين ذلك أيضا أن العبد إذا بيع واشترط الذي ابتاعه ماله لم يدخل ولده في ماله ) بل هو لسيده ( ومما يبين ذلك أيضا أن العبد إذا جرح ) إنسانا ( أخذ هو وماله ) في جنايته ( ولم يؤخذ ولده ) ولو كان كماله لأخذ ، وأصل الباب ما رواه أصحاب السنن بإسناد صحيح عن ابن عمر مرفوعا : " من أعتق عبدا فمال العبد له إلا أن يستثنيه سيده " . وسبق في [ ص: 144 ] البيع حديث أن ماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع . وفرق أصحابنا بأن الأصل أن العبد لا يملك ملكا تاما لكن لما كان العتق صورة إحسان إليه ناسب ذلك أن لا ينزع منه ما بيده تكميلا للإحسان ، ومن ثم شرعت المكاتبة وساغ له أن يكتسب ويؤدي إلى سيده ، ولولا أن له تسلطا على ما بيده في العتق ما أغنى عنه ذلك شيئا .




                                                                                                          الخدمات العلمية