الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة

                                                                                                          حدثني مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنما لي فجئتها وقد فقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت في السماء فقال من أنا فقالت أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          6 - باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة

                                                                                                          1511 1462 - ( مالك ، عن هلال بن أسامة ) نسب إلى جده ، وهو ابن علي بن أسامة ، وهو هلال [ ص: 146 ] بن أبي ميمونة ، يعرف أبوه بكنيته وهو بها أشهر العامري ، مولاهم المدني ، مات سنة بضع عشرة ومائة عنه هذا الحديث الواحد ( عن عطاء بن يسار ) بتحتية ومهملة خفيفة ( عن عمر بن الحكم ) قال ابن عبد البر : كذا قال مالك ، وهو وهم عند جميع علماء الحديث ، وليس في الصحابة عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم كما قال كل من روى هذا الحديث عن هلال أو غيره ، ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف ، وأما عمر بن الحكم فتابعي أنصاري مدني معروف يعني فلا يصح ( أنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله إن لي جارية ) لم تسم ( كانت ترعى غنما لي ) زاد في رواية في ناحية أحد ( فجئتها وقد فقدت ) فعل ماض تاؤه مضمومة أو ساكنة كما ضبطه في نسخ صحيحة ( شاة من الغنم ) وفي نسخة صحيحة : وقد فقدت منها شاة ( فسألتها عنها ، فقالت : أكلها الذئب فأسفت عليها ) أي غضبت ( وكنت من بني آدم ) زاد في رواية : آسف كما يأسفون ، تقديم لعذره في قوله : ( فلطمت وجهها ) ضربتها عليه ببياض كفي ( وعلي رقبة أفأعتقها ؟ ) بهمزة الاستفهام وفاء فهمزة مضمومة ، وفي رواية عند أبي عمر من وجه آخر : " فصككتها صكة ثم انصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فعظم علي فقلت : هلا أعتقها ؟ قال : ائتني بها ، فجئت بها إليه " ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين الله ؟ فقالت : في السماء ) قال ابن عبد البر : هو على حد قوله تعالى : ( أأمنتم من في السماء ) ( سورة الملك : الآية : 16 ) ، ( إليه يصعد الكلم الطيب ) ( سورة فاطر : الآية : 10 ) وقال الباجي : لعلها تريد وصفه بالعلو ، وبذلك يوصف من كان شأنه العلو ، يقال مكان فلان في السماء ، يعني علو حاله ورفعته وشرفه . ( فقال : من أنا ؟ فقالت : أنت رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعتقها ) زاد في رواية : إنها مؤمنة . قال ابن عبد البر : هذا الحديث مختصر في رواية يحيى عن مالك ، ورواه قوم منهم عبد الله بن يوسف ، وابن بكير ، وقتيبة ، والشافعي ، وعبد الله بن الحكم عن مالك بسنده فزادوا : " قلت : يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا تأتوا الكهان ، قلت : وكنا نتطير ، قال : إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم " . وقد روى مالك بعض هذا الحديث عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية [ ص: 147 ] بن الحكم : " قلت : يا رسول الله ، أمور كنا نصنعها في الجاهلية نأتي الكهان ، قال : فلا تأتوها ، قلت : كنا نتطير ، قال : ذلك شيء يجده أحدكم فلا يصدنكم " . فقال في روايته عن ابن شهاب : معاوية بن الحكم كما قال الناس ، وإنما سماه عمر في روايته عن هلال فربما كان الوهم من هلال ؛ لأن جماعة رووه عنه فقالوا معاوية ، انتهى . ملخصا

                                                                                                          ولا يمنع ذلك تجويز أن الوهم منه لما حدث مالكا وتنبه لما حدث غيره ، ويؤيد ذلك ما مر في الفرائض أن معن بن عيسى قال لمالك : الناس يقولون إنك تخطئ أسامي الرجال ، تقول : عمر بن الحكم وإنما هو معاوية ، فقال مالك : هذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي ، أخرجه أبو الفضل السليماني .




                                                                                                          الخدمات العلمية