الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ( 51 ) )

يقول عز ذكره : ما أشهدت إبليس وذريته ( خلق السماوات والأرض ) يقول : ما أحضرتهم ذلك فأستعين بهم على خلقها ( ولا خلق أنفسهم ) يقول : [ ص: 45 ] ولا أشهدت بعضهم أيضا خلق بعض منهم ، فأستعين به على خلقه ، بل تفردت بخلق جميع ذلك بغير معين ولا ظهير ، يقول : فكيف اتخذوا عدوهم أولياء من دوني ، وهم خلق من خلق أمثالهم ، وتركوا عبادتي وأنا المنعم عليهم وعلى أسلافهم ، وخالقهم وخالق من يوالونه من دوني منفردا بذلك من غير معين ولا ظهير .

وقوله : ( وما كنت متخذ المضلين عضدا ) يقول : وما كنت متخذ من لا يهدي إلى الحق ، ولكنه يضل ، فمن تبعه يجور به عن قصد السبيل أعوانا وأنصارا ، وهو من قولهم : فلان يعضد فلانا إذا كان يقويه ويعينه .

وبنحو ذلك قال بعض أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وما كنت متخذ المضلين عضدا ) : أي أعوانا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله ، وإنما يعني بذلك أن إبليس وذريته يضلون بني آدم عن الحق ، ولا يهدونهم للرشد ، وقد يحتمل أن يكون عنى بالمضلين الذين هم أتباع على الضلالة ، وأصحاب على غير هدى .

التالي السابق


الخدمات العلمية