الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3747 ) فصل : وإذا وكل وكيلين في تصرف ، وجعل لكل واحد الانفراد بالتصرف ، فله ذلك ; لأنه مأذون له فيه . فإن لم يجعل له ذلك ، فليس لأحدهما الانفراد به ; لأنه لم يأذن له في ذلك ، وإنما يجوز له ما أذن فيه موكله . وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي . وإن وكلهما في حفظ ماله ، حفظاه معا في حرز لهما ; لأن قوله : افعلا كذا . يقتضي اجتماعهما على فعله ، وهو مما يمكن ، فتعلق بهما .

                                                                                                                                            وفارق هذا قوله : بعتكما . حيث كان منقسما بينهما ; لأنه لا يمكن كون الملك لهما على الاجتماع ، فانقسم بينهما . فإن غاب أحد الوكيلين ، لم يكن للآخر أن يتصرف ، ولا للحاكم ضم أمين إليه ليتصرفا ; لأن الموكل رشيد جائز التصرف ، لا ولاية للحاكم عليه ، فلا يضم الحاكم وكيلا له بغير أمره . وفارق ما لو مات أحد الوصيين ، حيث يضيف الحاكم إلى الوصي أمينا ليتصرف ; لكون الحاكم له النظر في حق الميت واليتيم ، ولهذا لو لم يوص إلى أحد ، أقام الحاكم أمينا في النظر لليتيم .

                                                                                                                                            وإن حضر الحاكم أحد الوكيلين ، والآخر غائب ، وادعى الوكالة لهما ، وأقام بينة سمعها الحاكم ، وحكم بثبوت الوكالة لهما ، ولم يملك الحاضر التصرف وحده ، فإذا حضر الآخر تصرفا معا ، ولا يحتاج إلى إعادة البينة ; لأن الحاكم سمعها لهما مرة . فإن قيل : هذا حكم للغائب . قلنا : يجوز تبعا لحق الحاضر ، كما يجوز أن يحكم بالوقف الذي يثبت لمن لم يخلق لأجل من يستحقه في الحال ، كذا هاهنا . وإن جحد الغائب الوكالة ، أو عزل نفسه ، لم يكن للآخر أن يتصرف .

                                                                                                                                            وبما ذكرناه قال أبو حنيفة ، والشافعي . ولا نعلم فيه خلافا . وجميع التصرفات في هذا سواء . وقال أبو حنيفة : إذا وكلهما في خصومة ، فلكل واحد منهما الانفراد بها . ولنا ، أنه لم يرض بتصرف أحدهما ، أشبه البيع والشراء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية