الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 145 ] باب الدعوى والبينات

                                                                                                                          المدعي : من إذا سكت ترك ، والمنكر : من إذا سكت لم يترك .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب الدعاوى والبينات .

                                                                                                                          الدعاوى : واحدها دعوى ، وهي إضافة الإنسان إلى نفسه ملكا أو استحقاقا أو نحوه .

                                                                                                                          وفي الشرع : إضافته إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو في ذمته ، والمدعى عليه من يضاف إليه استحقاق شيء عليه .

                                                                                                                          وقال ابن حمدان : هي إخبار خصمه باستحقاق شيء معين أو مجهول ، كوصية وإقرار عليه ، أو عنده له ولموكله أو موليه أو لله حسبه بطلبه منه عند حاكم .

                                                                                                                          والأول أولى ، وهي عبارة عن الطلب ، ومنه قوله تعالى : ولهم ما يدعون [ يس : 57 ] .

                                                                                                                          وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه . رواه مسلم ، واليمين تختص بالمدعى عليه إلا في القسامة ودعاوى الأمناء المقبولة ، وحيث يحكم باليمين مع الشاهد أو نقول بردها ، [ ص: 146 ] والبينات : جمع بينة ، من بان يبين فهو بين ، والأنثى بينة ، أي : واضحة ، وهو صفة لمحذوف ، أي : الدلالة البينة ( المدعي : من إذا سكت ترك ، والمنكر : من إذا سكت لم يترك ) ذكره في " المحرر " و " الوجيز " ، وقدمه في " الرعاية " و " الفروع " ؛ لأن المدعي طالب والمنكر مطلوب ؛ أي : مطالب بالحق ، وقيل : المدعي من يطلب خلاف الظاهر أو الأصل ، والمدعى عليه عكسه .

                                                                                                                          وينبني على ذلك لو قال : أسلمنا معا ، فالنكاح باق ، وادعت التعاقب ، فالمدعي هي ، وعلى الثاني هو ، وقد يكون كل منهما مدعيا ومدعى عليه باعتبارين ، ولا تسمع دعوى مقلوبة وسمعها بعضهم واستنبطها ، فذكروا في الشفعة إذا أنكر المشتري الشراء أو أقام الشفيع بينة ، وأخذ الشفيع بالشفعة وامتنع المشتري من قبض الثمن ، ثلاثة أوجه :

                                                                                                                          أحدها : يبقى في يد الشفيع .

                                                                                                                          الثاني : في يد الحاكم .

                                                                                                                          الثالث : ـ واختاره القاضي ـ يلزم الشفيع بقبضه ، أو يبرأ منه .

                                                                                                                          وفي السلم إذا جاءه بالسلم قبل محله لزمه قبضه ، إذا لم يكن في قبضه ضرر ، فحيث لزمه القبض إن دعواه تسمع ، ويلزم رب الدين بقبضه .



                                                                                                                          الخدمات العلمية