الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 311 ] بسم الله الرحمن الرحيم سورة الزمر سميت " سورة الزمر " من عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - فقد روى الترمذي عن عائشة قالت كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل ، وإنما سميت سورة الزمر لوقوع هذا اللفظ فيها دون غيرها من سور القرآن .

وفي تفسير القرطبي عن وهب بن منبه أنه سماها سورة الغرف وتناقله المفسرون ، ووجهه أنها ذكر فيها لفظ الغرف ، أي : بهذه الصيغة دون الغرفات ، في قوله تعالى لهم غرف من فوقها غرف الآية .

وهي مكية كلها عند الجمهور . وعن ابن عباس أن قوله تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الآيات الثلاث . وقيل : إلى سبع آيات نزلت بالمدينة في قصة وحشي قاتل حمزة ، وسنده ضعيف ، وقصته عليها مخائل القصص .

وعن عمر بن الخطاب أن تلك الآيات نزلت بالمدينة في هشام بن العاصي بن وائل إذ تأخر عن الهجرة إلى المدينة بعد أن استعد لها . وفي رواية : أن معه عياش بن أبي ربيعة وكانا تواعدا على الهجرة إلى المدينة ففتنا فافتتنا .

والأصح أنها نزلت في المشركين كما سيأتي عند تفسيرها ، وما نشأ القول بأنها مدنية إلا لما روي فيها من القصص الضعيفة .

وقيل : نزل أيضا في قوله تعالى قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم الآية ؛ بالمدينة .

وعن ابن عباس أن قوله تعالى الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها الآية ؛ نزل بالمدينة .

[ ص: 312 ] فبلغت الآيات المختلف فيها تسع آيات .

والمتجه : أنها كلها مكية وأن ما يخيل أنه نزل في قصص معينة إن صحت أسانيده أن يكون وقع التمثل به في تلك القصص فاشتبه على بعض الرواة بأنه سبب نزول .

وسيأتي عند قوله تعالى وأرض الله واسعة أنها نزلت قبيل هجرة المؤمنين إلى الحبشة ، أي : في سنة خمس قبل الهجرة .

وهي السورة التاسعة والخمسون في ترتيب النزول على المختار ، نزلت بعد سورة سبأ وقبل سورة غافر .

وعدت آياتها عند المدنيين والمكيين والبصريين اثنتين وسبعين ، وعند أهل الشام ثلاثا وسبعين ، وعند أهل الكوفة خمسا وسبعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية