الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل ( وإذا أذن ولي الصبي للصبي في التجارة فهو في البيع والشراء كالعبد المأذون إذا كان يعقل البيع والشراء حتى ينفذ تصرفه ) وقال الشافعي رحمه الله : لا ينفذ ; لأن حجره لصباه فيبقى ببقائه ; ولأنه مولى عليه حتى يملك الولي التصرف عليه ، ويملك حجره فلا يكون واليا للمنافاة وصار كالطلاق والعتاق ، بخلاف الصوم والصلاة ; لأنه لا يقام بالولي ، وكذلك الوصية على أصله فتحققت الضرورة إلى تنفيذه منه .

                                                                                                        أما البيع والشراء فيتولاه الولي فلا ضرورة هاهنا . ولنا أن التصرف المشروع صدر من أهله في محله عن ولاية شرعية فوجب تنفيذه على ما عرف تقريره في الخلافيات والصبا سبب الحجر لعدم الهداية لا لذاته ، وقد ثبتت نظرا إلى إذن الولي وبقاء ولايته لنظر الصبي لاستيفاء المصلحة بطريقين ، واحتمال تبدل الحال ، بخلاف الطلاق والعتاق ; لأنه ضار محض فلم يؤهل له ، والنافع المحض كقبول الهبة والصدقة يؤهل له قبل الإذن والبيع والشراء دائر بين النفع والضرر ، فيجعل أهلا له بعد الإذن لا قبله لكن قبل الإذن يكون موقوفا منه على إجازة الولي لاحتمال وقوعه نظرا وصحة التصرف في نفسه ، وذكر الولي في الكتاب ينتظم الأب والجد عند عدمه والوصي والقاضي والوالي ، بخلاف صاحب الشرط ; لأنه ليس إليه تقليد القضاة ; والشرط أن يعقل كون البيع سالبا للملك جالبا للربح والتشبيه بالعبد المأذون له يفيد أن ما يثبت في العبد من الأحكام يثبت في حقه ; لأن الإذن فك الحجر والمأذون يتصرف بأهلية نفسه عبدا كان أو صبيا ، فلا يتقيد تصرفه بنوع دون نوع ، ويصير مأذونا بالسكوت كما في العبد ويصح إقراره بما في يده من كسبه ، وكذا بموروثه في ظاهر الرواية ، كما يصح إقرار العبد ولا يملك تزويج عبده ولا كتابته كما في العبد ، والمعتوه الذي يعقل البيع والشراء بمنزلة الصبي يصير مأذونا بإذن الأب والجد والوصي دون غيرهم على ما بيناه وحكمه حكم الصبي والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية