الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 130 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ( 107 ) خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ( 108 ) )

يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا بالله ورسوله ، وأقروا بتوحيد الله وما أنزل من كتبه وعملوا بطاعته ، كانت لهم بساتين الفردوس ، والفردوس : معظم الجنة ، كما قال أمية :


كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة فيها الفراديس والفومان والبصل



واختلف أهل التأويل في معنى الفردوس ; فقال بعضهم : عنى به أفضل الجنة وأوسطها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عباس بن الوليد ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : الفردوس : ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها .

حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ، قال : ثنا الهيثم أبو بشر ، قال : أخبرنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان ، عن عامر ، قال : سئل أبو أسامة عن الفردوس ، فقال : هي سرة الجنة . [ ص: 131 ]

حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا حماد بن عمرو النصيبي ، عن أبي علي ، عن كعب ، قال : ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس ، وفيها الآمرون بالمعروف ، والناهون عن المنكر .

وقال آخرون : هو البستان بالرومية .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : ثنا حجاج عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، قال : الفردوس : بستان بالرومية .

حدثنا العباس بن محمد ، قال : ثنا حجاج ، قال : ابن جريج : أخبرني عبد الله عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : هو البستان الذي فيه الأعناب .

حدثنا عباس بن محمد ، قال : ثنا محمد بن عبيد ، عن الأعمش ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن كعب ، قال : جنات الفردوس التي فيها الأعناب .

والصواب من القول في ذلك ، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وذلك ما حدثنا به أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا همام بن يحيى ، قال : ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين مسيرة عام والفردوس أعلاها درجة ، ومنها الأنهار الأربعة ، والفردوس من فوقها ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .

حدثنا موسى بن سهل ، قال : ثنا موسى بن داود ، قال : ثنا همام بن يحيى ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، أعلاها الفردوس ، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " . [ ص: 132 ]

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني أبو يحيى بن سليمان ، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنها أوسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوقها عرش الرحمن تبارك وتعالى ، ومنه تفجر أنهار الجنة " .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا فليح ، عن هلال ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : " وسط الجنة" وقال أيضا : " ومنه تفجر أو تتفجر " .

حدثني عمار بن بكار الكلاعي ، قال : ثنا يحيى بن صالح ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، قال : ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن في الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها ، وفوقها عرش الرحمن ، ومنها تفجر أنهار الجنة ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس " .

حدثنا أحمد بن منصور ، قال : ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : ثنا الحارث بن عمير ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جنات الفردوس أربعة ، اثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما ، وما فيهما من شيء ، واثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما ، وما فيهما من شيء " .

حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا أبو قدامة ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جنات الفردوس أربع : ثنتان من ذهب حليتهما وما فيهما ، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما " .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن حفص ، عن شمر ، قال : خلق الله جنة الفردوس بيده ، فهو يفتحها في كل يوم خميس ، فيقول : ازدادي طيبا لأوليائي ، ازدادي حسنا لأوليائي . [ ص: 133 ]

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : سمعت مخلد بن الحسين يقول : وسئل عنها ، قال : سمعت بعض أصحاب أنس يقول : قال : يقول : أولهم دخولا إنما أدخلني الله أولهم ، لأنه ليس أحد أفضل مني ، ويقول آخرهم دخولا إنما أخرني الله ، لأنه ليس أحد أعطاه الله مثل الذي أعطاني" .

التالي السابق


الخدمات العلمية