الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ( 109 ) )

يقول عز ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل ) يا محمد : ( لو كان البحر مدادا ) للقلم الذي يكتب به ( لكلمات ربي لنفد ) ماء ( البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) يقول : ولو مددنا البحر بمثل ما فيه من الماء مددا ، من قول القائل : جئتك مددا لك ، وذلك من معنى الزيادة .

وقد ذكر عن بعضهم : ولو جئنا بمثله مددا ، كأن قارئ ذلك كذلك أراد : لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، ولو زدنا بمثل ما فيه من المداد الذي يكتب به مدادا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى "ح" وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( البحر مدادا لكلمات ربي ) للقلم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 134 ]

حدثنا ابن البرقي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر وابن الدراوردي ، قالا ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن للجنة مائة درجة ، كل درجة منها كما بين السماء والأرض ، أعلى درجة منها الفردوس " .

حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : ثنا أحمد بن الفرج الطائي ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الفردوس من ربوة الجنة ، هي أوسطها وأحسنها " .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، قال : أنبأنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب ، قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الفردوس هي أعلى الجنة وأحسنها وأرفعها " .

حدثني محمد بن مرزوق ، قال : ثنا روح بن عبادة ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، قال للربيع ابنة النضر " يا أم حارثة ، إنها جنان ، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" . والفردوس : ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها .

وقوله : ( نزلا ) يقول : منازل ومساكن ، والمنزل : من النزول ، وهو من نزول بعض الناس على بعض .

وأما النزل : فهو الريع ، يقال : ما لطعامكم هذا نزل ، يراد به الريع ، وما وجدنا عندكم نزلا أي نزولا .

وقوله : ( خالدين ) يقول : لابثين فيها أبدا ( لا يبغون عنها حولا ) يقول : لا يريدون عنها تحولا وهو مصدر تحولت ، أخرج إلى أصله ، كما يقال : صغر يصغر صغرا ، وعاج يعوج عوجا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( لا يبغون عنها حولا ) قال : متحولا . [ ص: 135 ]

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ) يقول : إذا لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله وحكمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية