الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 565 ] يحرم التقاط ممتنع عن سبع صغير ، كإبل وبقر ، نص عليهما ، وبغال وكلب وظباء وطير وحمر أهلية ، وخالف الشيخ فيها وفي طير مستوحشة ويضمنه ، كغاصب ، ونصه وقاله أبو بكر : يضمن ضالة مكتومة بالقيمة مرتين ، للخبر ، ويبرأ بدفعه إلى نائب إمام أو بأمره برده مكانه ، كجائز التقاطه ، وقيل : أو لم يأمره ، وإن أنفق على أنه ملكه لم يرجع ، لتعديه ، ذكره في المنتخب ، ولا يبرأ من أخذ من نائم شيئا إلا بتسليمه له ، ولنائب إمام أخذه للحفظ ، ولا يلزمه تعريفه ، ولا تكفي فيه الصفة ، ذكره الشيخ ، واختار الشيخ : ولغيره بموضع مخوف ، وله التقاط غيره من حيوان وغيره ممتنع بنفسه ، كخشبة كبيرة ، وعنه : ونحو شاة ، وعنه وعرض ذكرها أبو الفرج إذا أمن نفسه وقوي [ ص: 566 ] عليه ، وإلا فكغاصب ، والأفضل تركه ، وقيل عكسه بمضيعة ، وخرج وجوبه إذن ، ونقل حنبل : لا يعرض لها ، ولأحمد من حديث أبي ذر { ولا تسألن أحدا شيئا ولا تقبض أمانة ولا تقض بين اثنين } ويفعل الحظ لمالكه ، وله أكل حيوان وما يخشى فساده بقيمته ، قاله أصحابنا .

                                                                                                          وفي المغني يقتضي قول أصحابنا لا يملك عرض فلا يأكل ، وله بيعه وحفظ ثمنه ، وهو كلقطة ، ولم يذكر الأكثر تعريفه ، وعنه : يبيع كبيرا حاكم ، وعنه : مع وجوده وفي الترغيب : ولا يبيع بعض حيوان ، [ ص: 567 ] وأفتى أبو الخطاب وابن الزاغوني بأكله بمضيعة بشرط ضمانه ، وإلا لم يجز تعجيل ذبحه لأنه يطلب .

                                                                                                          وقال أبو الحسين وابن عقيل : لا يتصرف قبل الحول في شاة ونحوها بأكل وغيره ، رواية واحدة ، ونقل أبو طالب : يعرف الشاة ، وذكره أبو بكر وغيره ، ويرجع بنحو نفقته بنيته على الأصح ، قال في المغني : نص عليه فيمن عنده طائر يرجع بعلفه ما لم يكن متطوعا .

                                                                                                          وقال أبو بكر : هذا مع ترك التعدي ، فإن تعدى لم يحتسب له ، ويلزمه تعريف الجميع ، نص عليه ، نهارا [ حولا ] متواليا في أسبوع .

                                                                                                          وفي الترغيب وغيره : ثم مرة كل أسبوع في شهر ، ثم مرة في كل شهر ، وقيل : على العادة على الفور بالنداء وأجرته عليه نص عليه وقيل : من ربها ، وعند الحلواني وابنه : منها ، كما لو رأى تجفيف عنب ونحوه واحتاج غرامة ، وقيل : منها إن لم يملك ، وذكره في الفنون ظاهر كلام أصحابنا ، في مجامع الناس ، ويكره في مسجد .

                                                                                                          وفي عيون المسائل : لا يجوز ، واحتج بقوله عليه السلام للرجل { لا ردها الله عليك } وقاله ابن بطة في إنشادها ، ولا يصفه بل : من ضاع منه نفقة أو شيء ، وقيل : لقطة صحراء بقرية .

                                                                                                          [ ص: 565 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 565 ] باب اللقطة ( تنبيه ) قوله : وله التقاط غيره من حيوان وغيره غير ممتنع بنفسه ، وعنه : ونحو شاة ، وعنه : وعرض ، انتهى . ظاهر هذا أن المقدم ليس له التقاط نحو الشاة كالفصلان والعجاجيل ، وإلا فلا ، والعروض ، وليس كذلك ، بل المذهب جواز التقاط ذلك ، والظاهر أن هنا نقصا ، وتقديره " وعنه : لا نحو شاة ، وعنه : وعرض " ليوافق ما قاله الأصحاب ، ويدل على ما صدره في أول المسألة بقوله : " غير ممتنع بنفسه " وقوله : " كخشبة كبيرة " يعني له التقاطها ، ولم يحك فيه خلافا وفيه نظر [ ص: 566 ] بل الصواب ما قاله المصنف وابن عقيل والشارح والزركشي وجماعة : إن أحجار الطواحين الكبار والقدور الضخمة والأخشاب الكبار ملحقة بالإبل من أنها لا يجوز التقاطها ، قالوا : بل هي أولى من الإبل من وجوه ، والعجب أن المصنف لم يذكر ذلك ولا حكاه قولا ، وهذا مما يدل على أن في كلامه نقصا ، وقوله قبل ذلك أول الباب يحرم التقاط ممتنع عن سبع صغير " وخالف الشيخ في طير مستوحشة ، فكونه جعل كلام الشيخ قولا مؤخرا فيه نظر ، بل الأولى أن يكون هو المقدم لما يذكر .

                                                                                                          وفيه نظر أيضا من وجه آخر ، وهو أن الشيخ إنما ذكر ذلك في الصيود المتوحشة التي إذا تركت رجعت إلى الصحراء أو عجز عنها صاحبها فلم يخص الطير بذلك بل بالصيود كلها ، وعللها بعلل قوية جدا ، فقال : لأن تركها أضيع لها من سائر الأموال ، والمقصود حفظها لصاحبها لا حفظها في نفسها ، ولو كان المقصود حفظها في نفسها لما جاز التقاط الأثمان ، فإن الدينار دينار أينما كان انتهى ، وتبعه جماعة منهم الشارح والحارثي وقطعوا به .




                                                                                                          الخدمات العلمية