الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 333 ] باب الصلاة بغير ماء ولا تراب عند الضرورة

                                                                                                                                            367 - ( { عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في طلبها فوجدوها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه ، فأنزل الله عز وجل آية التيمم } رواه الجماعة إلا الترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( أنها استعارت ) وفي بعض الروايات أنها قالت : " انقطع عقد لي " ولا مخالفة بينهما فهو حقيقة ملك لأسماء ، وإضافته في الرواية الثانية إلى نفسها لكونه في يدها قوله : ( فصلوا بغير وضوء ) استدل بذلك جماعة من المحققين منهم المصنف على وجوب الصلاة عند عدم المطهرين : الماء ، والتراب ، وليس في الحديث أنهم فقدوا التراب ، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط ، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب ; لأنه لا مطهر سواه ووجه الاستدلال به أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك .

                                                                                                                                            لكن اختلفوا في وجوب الإعادة فالمنصوص عن الشافعي وجوبها وصححه أكثر أصحابه ، واحتجوا بأنه عذر نادر فلم يسقط الإعادة ، والمشهور عن أحمد وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر : لا تجب ، واحتجوا بحديث الباب ; لأنها لو كانت واجبة لبينها لهم النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وتعقب بأن الإعادة لا تجب على الفور ، فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة ، وعلى هذا فلا بد من دليل على وجوب الإعادة وقال مالك وأبو حنيفة في المشهور عنهما : لا يصلي ، لكن قال أبو حنيفة وأصحابه : يجب عليه القضاء ، وبه قال الثوري والأوزاعي .

                                                                                                                                            وقال مالك فيما حكاه عنه المدنيون : لا يجب عليه القضاء ، وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة . وحكى النووي في شرح المهذب عن القديم تستحب الصلاة وتجب الإعادة ، وبهذا تصير الأقوال خمسة قاله الحافظ في الفتح .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية