الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ج - القول في السعي بين الصفا والمروة

والقول في السعي : في حكمه ، وفي صفته ، وفي شروطه ، وفي ترتيبه .

1 - القول في حكمه

أما حكمه : فقال مالك والشافعي : هو واجب ، وإن لم يسع كان عليه حج قابل ، وبه قال أحمد وإسحاق . وقال الكوفيون : هو سنة ، وإذا رجع إلى بلاده ولم يسع كان عليه دم . وقال بعضهم : هو تطوع ولا شيء على تاركه .

فعمدة من أوجبه : ما روي " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى ويقول : اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " . روى هذا الحديث الشافعي عن عبد الله بن المؤمل ، وأيضا فإن الأصل أن أفعاله - عليه الصلاة والسلام - في هذه العبادة محمولة على الوجوب ، إلا ما أخرجه الدليل من سماع أو إجماع أو قياس عند أصحاب القياس .

وعمدة من لم يوجبه قوله - تعالى - : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) قالوا : إن معناه أن لا يطوف - وهي قراءة ابن مسعود - ، وكما قال - سبحانه - : ( يبين الله لكم أن تضلوا ) معناه : أي لئلا تضلوا ، وضعفوا حديث ابن المؤمل . وقالت عائشة : الآية على ظاهرها وإنما نزلت في الأنصار تحرجوا أن يسعوا بين الصفا والمروة على ما كانوا يسعون عليه في الجاهلية ; لأنه كان موضع ذبائح المشركين ، وقد قيل : إنهم كانوا لا يسعون بين الصفا والمروة تعظيما لبعض الأصنام ، فسألوا عن ذلك فنزلت هذه الآية مبيحة لهم ، وإنما صار الجمهور إلى أنها من أفعال الحج لأنها صفة فعله - صلى الله عليه وسلم - تواترت بذلك الآثار - أعني : وصل السعي بالطواف .

التالي السابق


الخدمات العلمية