الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الأسماء والكنى )

864 - واعن بالاسما والكنى وقد قسم الشيخ ذا لتسع أو عشر قسم      865 - من اسمه كنيته انفرادا
نحو أبي بلال أو قد زادا      866 - نحو أبي بكر بن حزم قد كني
أبا محمد بخلف فافطن      867 - والثاني من يكنى ولا اسما ندري
نحو أبي شيبة وهو الخدري      868 - ثم كنى الألقاب والتعدد
نحو أبي الشيخ أبي محمد      869 - وابن جريج بأبي الوليد
وأبي خالد كني للتعديد      870 - ثم ذوو الخلف كنى وعلما
أسماؤهم وعكسه وفيهما      871 - وعكسه وذو اشتهار بسم
وعكسه أبو الضحى لمسلم

( واعن ) ; أي : اجعل أيها الطالب من عنايتك الاهتمام ( بـ ) معرفة ( الأسماء ) بالنقل وبالقصر للضرورة ، لذوي الكنى ، ( والكنى ) لذوي الأسماء ، فهو فن مهم مطلوب ، وفائدة ضبطه الأمن من ظن تعدد الراوي الواحد المكنى في موضع [ ص: 212 ] والمسمى في آخر .

قال ابن الصلاح : ولم يزل أهل العلم بالحديث يعتنون به ويتحفظونه ويطارحونه فيما بينهم وينتقضون من جهله ، يعني كما عيب الجمال بن هشام إمام العربية بأنه رام الكشف عن ترجمة أبي الزناد فلم يهتد لمحله من كتب الأسماء ; لعدم معرفة اسمه ، مع كونه معروفا عند مبتدي الطلبة ، ولقد امتحن شيخنا بعض الطلبة بتعيين أبي العباس الدمشقي شيخ ابن حبان حيث مر في قراءة زوائد صحيحه عليه ، فلم يهتد لذلك ، كما قدمته في التدليس ، وقد روينا عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : أنا أبو ذر ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب .

وربما ينشأ عن إغفاله زيادة في السند أو نقص منه وهو لا يشعر ، فقد روى الحاكم من حديث أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبد الله بن شداد ، عن أبي الوليد ، عن جابر مرفوعا : ( من صلى خلف الإمام فإن قراءته له قراءة ) .

وقال : إن عبد الله هو أبو الوليد ، كما بينه علي بن المديني . يعني فعن زائدة ، قال : ومن تهاون بمعرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم . انتهى .

وعكسه أن تسقط ( عن ) كما اتفق للنسائي مع جلالته حيث قال : عن أبي أسامة حماد بن السائب ; لأن أبا أسامة هو حماد بن أسامة ، وشيخه حماد هو محمد بن السائب أبو النضر الكلبي ، كما تقدمت الإشارة إليه في النوع قبله .

وليحيى بن معين وعلي بن المديني وأبي بكر بن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم وشباب العصفري وأبي محمد بن الجارود وأبي بشر الدولابي وأبي القاسم بن منده ووالده أبي عبد الله وأبي عروبة الحراني وأبي عبد الله بن مخلد وأبي عمر بن عبد البر وأبي إسحاق الصريفيني وأبي أحمد الحاكم [ ص: 213 ] النيسابوري وغيرهم فيه تصانيف ، سمى ابن عبد البر تصنيفه ( الاستغناء في معرفة الكنى ) ، وهو مجلد ضخم ، ولعله اندرج في قول ابن الصلاح : ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة . انتهى .

وأجلها آخرها ; لعدم اقتصاره على من عرف اسمه ، بل ذكر من لم يعرف اسمه أيضا ، بخلاف مسلم والنسائي وغيرهما ; فإنهم لا يذكرون غالبا إلا من عرف اسمه ، وهي مرتبة على الشائع للمشارقة في الحروف إلا النسائي ، فعلى ترتيب فيها كأنه ابتكره ، فبدأ بالألف ثم اللام ثم الموحدة وأختيها ، ثم الياء الأخيرة ثم النون ثم السين وأختها ، ثم الراء وأختها ، ثم الدال وأختها ، ثم الكاف ثم الطاء وأختها ، ثم الصاد وأختها ، ثم الفاء وأختها ، ثم الواو ثم الهاء ثم الميم ثم العين وأختها ، ثم الحاء وأختيها ، ولم يراعوا جميعا ترتيبها في كل حرف بحيث يبدءون في الهمزة مثلا بأبي إبراهيم قبل أبي إسحاق ، ثم بأبي إسحاق قبل أبي أسلم ; جريا منهم على عادة المتقدمين غالبا ، فالكشف منها لذلك متعب ; ولذا رتب الذهبي كتاب الحاكم مجردا عن المتون والتراجم وغيرها وسماه ( المعتنى في سرد الكنى ) ، وقال : إن مصنف الأصل زاد وأفاد وحرر وأجاد ، وكتابه في أربعة عشر سفرا ، يجيء بالخط الرفيع خمسة أسفار أو نحوها ، وكذا جمع في ( الكنى ) محمد المدعو ثابت بن الحسن بن علي اللخمي بن الصيرفي ، ولي فيها أيضا تصنيف لم أبيضه إلى الآن .

( وقد قسم ) بالتخفيف ( الشيخ ) ابن الصلاح ( ذا ) النوع إما ( لتسع ) بتقديم المثناة على المهملة من الأقسام ; نظرا إلى ما ذكره في النوع الخمسين ، ( أو ) بالنقل ( عشر قسم ) ; أي : أقسام ، بانضمام المعروفين بالاسم دون الكنية الذي أفرده في نوع مستقل ، وقال فيه : إنه من وجه ضد النوع الذي قبله ، ومن شأنه أن يبوب على الأسماء ، ثم يبين كناها ، بخلاف الذي قبله ، قال : وقل من أفرده بالتصنيف ، [ ص: 214 ] وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا ، ومن وجه آخر يصلح أن يجعل قسما من أقسامه ، يعني كما سلكه مصنفو الكنى ، حيث جمعوا من عرف بالكنية ومن عرف بالاسم ، وتبعهم الناظم ، وكذا قال ابن كثير : إنه كان ينبغي أن يكون هذا النوع - يعني من اشتهر بالاسم - قسما عاشرا للأقسام المذكورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية