الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ( 27 ) )

يقول تعالى ذكره :

فلما قال ذلك عيسى لأمه اطمأنت نفسها ، وسلمت لأمر الله ، وحملته حتى أتت به قومها .

كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه ، قال : أنساها يعنى مريم كرب البلاء وخوف الناس ما كانت [ ص: 185 ] تسمع من الملائكة من البشارة بعيسى ، حتى إذا كلمها ، يعني عيسى ، وجاءها مصداق ما كان الله وعدها احتملته ثم أقبلت به إلى قومها .

وقال السدي في ذلك ما حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قال : لما ولدته ذهب الشيطان ، فأخبر بني إسرائيل أن مريم قد ولدت ، فأقبلوا يشتدون ، فدعوها ( فأتت به قومها تحمله ) .

وقوله ( قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ) يقول تعالى ذكره : فلما رأوا مريم ، ورأوا معها الولد الذي ولدته ، قالوا لها : يا مريم لقد جئت بأمر عجيب ، وأحدثت حدثا عظيما . وكل عامل عملا أجاده وأحسنه فقد فراه ، كما قال الراجز :


قد أطعمتني دقلا حجريا قد كنت تفرين به الفريا



وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى ( فريا ) قال : عظيما .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( لقد جئت شيئا فريا ) [ ص: 186 ] قال : عظيما .

حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا ) قال : عظيما .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه ، قال : لما رأوها ورأوه معها ، قالوا : يا مريم ( لقد جئت شيئا فريا ) : أي الفاحشة غير المقاربة .

التالي السابق


الخدمات العلمية