الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 199 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ( 38 ) )

يقول تعالى ذكره مخبرا عن حال الكافرين به ، الجاعلين له أندادا ، والزاعمين أن له ولدا يوم ورودهم عليه في الآخرة : لئن كانوا في الدنيا عميا عن إبصار الحق ، والنظر إلى حجج الله التي تدل على وحدانيته ، صما عن سماع آي كتابه ، وما دعتهم إليه رسل الله فيها من الإقرار بتوحيده ، وما بعث به أنبياءه ، فما أسمعهم يوم قدومهم على ربهم في الآخرة ، وأبصرهم يومئذ حين لا ينفعهم الإبصار والسماع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( أسمع بهم وأبصر ) ذاك والله يوم القيامة ، سمعوا حين لا ينفعهم السمع ، وأبصروا حين لا ينفعهم البصر .

حدثنا الحسن ، قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( أسمع بهم وأبصر ) قال : أسمع بقوم وأبصرهم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قال ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) يوم القيامة .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، قال : ( أسمع ) بحديثهم اليوم ( وأبصر ) كيف يصنع بهم ( يوم يأتوننا ) .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) قال : هذا يوم القيامة ، فأما الدنيا فلا ، كانت على أبصارهم غشاوة ، وفي آذانهم وقر في الدنيا; فلما كان يوم القيامة أبصروا وسمعوا فلم ينتفعوا ، وقرأ ( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) . [ ص: 200 ]

وقوله ( لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ) يقول تعالى ذكره : لكن الكافرون الذين أضافوا إليه ما ليس من صفته ، وافتروا عليه الكذب اليوم في الدنيا ، في ضلال مبين : يقول : في ذهاب عن سبيل الحق ، وأخذ على غير استقامة ، مبين أنه جائر عن طريق الرشد والهدى ، لمن تأمله وفكر فيه ، فهدي لرشده .

التالي السابق


الخدمات العلمية