الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قدوم وفد ثقيف

وفي هذه السنة في رمضان قدم وفد ثقيف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وسبب ذلك أنهم رأوا من يحيط بهم من العرب قد نصبوا لهم القتال ، وشنوا الغارات عليهم ، وكان أشدهم في ذلك مالك بن عوف النضري ، فلا يخرج منهم مال إلا نهب ، ولا إنسان إلا أخذ ، فلما رأوا عجزهم اجتمعوا وأرسلوا عبد يا ليل بن عمرو بن عمير ، والحكم بن عمرو بن وهب ، وشرحبيل بن غيلان ، وهؤلاء من الأحلاف ، وأرسلوا من بني مالك عثمان بن أبي العاص ، وأوس بن عوف ، ونمير بن خرشة ، فخرجوا حتى [ ص: 151 ] قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزلهم في قبة في المسجد ، فكان خالد بن سعيد بن العاص يمشي بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسل إليهم ما يأكلونه مع خالد ، وكانوا لا يأكلون طعاما حتى يأكل خالد منه ، حتى أسلموا .

وكان فيما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الطاغية ، وهي اللات ، لا يهدمها ثلاث سنين ، فأبى عليهم ، وكان قصدهم بذلك أن يتسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم ، فنزلوا إلى شهر فلم يجبهم ، وسألوه أن يعفيهم من الصلاة فقال : لا خير في دين لا صلاة فيه . فأجابوا وأسلموا . وأمر عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن أبي العاص ، وكان أصغرهم ، لما رأى من حرصه على الإسلام والتفقه في الدين . ثم رجعوا إلى بلادهم ، وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم المغيرة بن شعبة ، وأبا سفيان بن حرب ؛ ليهدما الطاغية ، فتقدم المغيرة فهدمها ، وقام قومه من بني شعيب دونه ؛ خوفا أن يرمى بسهم ، وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ، وأخذ حليها ومالها .

وكان أبو مليح بن عروة بن مسعود ، وقارب بن الأسود بن مسعود - قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قتل عروة والأسود ، فأمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضيا منه دين عروة والأسود ابني مسعود ، ففعلا ، وكان الأسود مات كافرا ، فسأل ابنه قارب بن الأسود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي دين أبيه ، فقال : إنه كافر . فقال : يصل مسلم ذا قرابته . يعني أنه أسلم فيصل أباه وإن كان مشركا .

التالي السابق


الخدمات العلمية