الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) [15]

                                                                                                                                                                                                                                        هذه قراءة المدنيين والبصريين ، وكذا في مصاحفهم ، وقرأ حمزة والكسائي إحسانا ، وروي عن عيسى بن عمر أنه قرأ ( حسنا) بفتح الحاء والسين فأما "حسنى" بغير تنوين فلا يجوز في العربية لأن مثل هذا لا تنطق به العرب إلا بالألف واللام الفضلى والأفضل والحسنى والأحسن . وإحسان مصدر أحسن وحسنا بمعناه ، وحسن على إقامة النعت مقام المنعوت أي فعلا حسنا وينشد بيت زهير :


                                                                                                                                                                                                                                        يطلب شأو امرأين قدما حسنا فاقا الملوك وبذا هذه السوقا



                                                                                                                                                                                                                                        أي فعلا حسنا . وهذا مثل هذه القراءة . ( حملته أمه كرها ووضعته كرها [ ص: 164 ] هذه قراءة حمزة والكسائي ، وهي مروية عن الحسن ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو عمرو وأبو جعفر وشيبة ونافع ( كرها ) بفتح الكاف . وعارض أبو حاتم السجستاني هذه القراءة بما لو صح لوجب اجتنابها؛ لأنه زعم أن الكره الغضب والقهر ، وأن الكره المكروه ، واحتج بأن الجميع قرءوا "لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" ، وذكر أن بعض العلماء سمع رجلا يقرأ ( حملته أمه كرها ووضعته كرها ) فقال : لو حملته كرها لرمت به يذهب إلى أن الكره القهر والغضب . قال أبو جعفر : في هذا طعن على من تثبت الحجة بقراءته ، وحكايته عن بعض العلماء لا حجة فيها لأنه لم يسمه ولا يعرف ، ولو عرف لما كان قوله حجة ، إلا بدليل وبرهان . والحجة في هذا قول من يعرف ويقتدى به . إن الكره والكره لغتان بمعنى واحد بل قد روي عن محمد بن يزيد أنه قال : الكره أولى لأنه المصدر بعينه . وقد حكى الخليل وسيبويه رحمهما الله أن كل فعل ثلاثي فمصدره فعل ، واستدلا على ذلك أنك إذا رددته إلى المرة الواحدة جاء مفتوحا نحو قام قومة ، وذهب ذهبة ، فإذا قلت : ذهب ذهابا فإنما هو عندهما اسم للمصدر لا مصدر . وكذلك الكره اسم للمصدر والكره المصدر . ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) التقدير وقت حمله مثل "واسأل القرية" وقرأ أبو رجاء وعاصم الجحدري ( وحمله وفصله) فرويت عن الحسن بن أبي الحسن واحتج [ ص: 165 ] أبو عبيد للقراءة الأولى بالحديث "لا رضاع بعد فصال" وأبين من هذه الحجة أن فصالا مصدر مثل قتال . وهذا الفعل من اثنين لأن المرأة والصبي كل واحد منهما ينفصل من صاحبه فهذا مثل القتال ، وإن كان قد يقال : فصله فصلا وفصالا ( حتى إذا بلغ أشده ) جمع شدة عند سيبويه مثل نعمة ، وقد ذكرناه بأكثر من هذا .

                                                                                                                                                                                                                                        ( إني تبت إليك وإني من المسلمين ) الأصل أنني حذفت النون لاجتماع النونات .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية