الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في فضل الخيل

                                                                                                          1694 حدثنا هناد حدثنا عبثر بن القاسم عن حصين عن الشعبي عن عروة البارقي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة الأجر والمغنم قال أبو عيسى وفي الباب عن ابن عمر وأبي سعيد وجرير وأبي هريرة وأسماء بنت يزيد والمغيرة بن شعبة وجابر قال أبو عيسى وهذا حديث حسن صحيح وعروة هو ابن أبي الجعد البارقي ويقال هو عروة بن الجعد قال أحمد بن حنبل وفقه هذا الحديث أن الجهاد مع كل إمام إلى يوم القيامة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا عبثر ) بفتح أوله وسكون الموحدة وفتح المثلثة ( بن القاسم ) الزبيدي بالضم أو زبيد كذلك الكوفي ثقة من الثامنة ( عن عروة البارقي ) هو ابن الجعد ، ويقال ابن أبي الجعد ، ويقال اسم أبيه عياض صحابي ، سكن الكوفة وهو أول قاض بها .

                                                                                                          قوله : ( الخير معقود في نواصي الخيل ) أي ملازم بها كأنه معقود فيها ، كذا في النهاية : والمراد [ ص: 281 ] بالخيل ما يتخذ للغزو بأن يقاتل عليه أو يرتبط لأجل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : الخيل لثلاثة الحديث ، ولقوله في آخر الحديث : الأجر والمغنم ، قال عياض : إذا كان في نواصيها البركة فيبعد أن يكون فيها شؤم ، فيحتمل أن يكون الشؤم في غير الخيل التي ارتبطت للجهاد وأن الخيل التي أعدت له هي المخصوصة بالخير والبركة ، أو يقال الخير والشر يمكن اجتماعهما في ذات واحدة ، فإنه فسر الخير بالأجر والمغنم ، ولا يمنع ذلك أن يكون ذلك الفرس مما يتشاءم به انتهى . ( الأجر والمغنم ) بدل من قوله الخير أو هو خبر مبتدأ محذوف أي هو الأجر والمغنم ، ووقع عند مسلم من رواية جرير عن حصين قالوا : بما ذاك يا رسول الله ؟ قال : " الأجر والمغنم " ، قال الطيبي : يحتمل أن يكون الخير الذي فسر بالأجر والمغنم استعارة لظهوره وملازمته ، وخص الناصية لرفعة قدرها وكأنه شبهه لظهوره بشيء محسوس معقود على مكان مرتفع ، فنسب الخير إلى لازم المشبه به ، وذكر الناصية تجديدا للاستعارة ، والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة قاله الخطابي وغيره . قالوا : ويحتمل أن يكون كنى بالناصية عن جميع ذات الفرس كما يقال : فلان مبارك الناصية ، قال الحافظ : ويبعده لفظ الحديث الثالث يعني حديث أنس : البركة في نواصي الخيل . وقد روى مسلم من حديث جابر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرسه بأصبعه ويقول ، فذكر الحديث ، فيحتمل أن تكون الناصية خصت بذلك لكونها المقدم منها إشارة إلى أن الفضل في الإقدام بها على العدو دون المؤخر لما فيه من الإشارة إلى الإدبار .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر ، وأبي سعيد وجرير وأبي هريرة وأسماء بنت يزيد والمغيرة بن شعبة وجابر ) أما حديث ابن عمر فأخرجه مالك وأحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه ، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه أحمد ، وأما حديث جرير فأخرجه أحمد ومسلم والنسائي والطحاوي ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الترمذي في باب من ارتبط فرسا في سبيل الله ، وأخرجه أيضا مسلم والنسائي وابن ماجه ، وأما حديث أسماء بنت يزيد فأخرجه أحمد ، وأما حديث المغيرة بن شعبة فأخرجه أبو يعلى . وأما حديث جابر فأخرجه أحمد والطحاوي . وفي الباب أحاديث أخرى عن غير هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم ذكرها الحافظ في الفتح في شرح باب : الجهاد ماض مع البر والفاجر .

                                                                                                          [ ص: 282 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه والطحاوي .

                                                                                                          قوله : ( قال أحمد بن حنبل : وفقه هذا الحديث أن الجهاد مع كل إمام ) أي برا كان أو فاجرا ( إلى يوم القيامة ) يعني أن الجهاد ماض مع كل إمام إلى يوم القيامة . وقال البخاري في صحيحه : باب " الجهاد ماض مع البر والفاجر " لقول النبي صلى الله عليه وسلم : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة قال الحافظ : سبقه إلى الاستدلال بهذا الإمام أحمد لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة وفسره بالأجر والمغنم ، والمغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد ، ولم يقيد ذلك بما إذا كان الإمام عادلا ، فدل على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل والجائر انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية