الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فلولا نصرهم [28] لولا وهلا واحد ، كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        بني ضوطري لولا الكمي المقنعا



                                                                                                                                                                                                                                        أي هلا ( قربانا آلهة ) يكون "قربانا" مصدرا ، ويكون مفعولا من أجله ، ويكون مفعولا و"آلهة" بدل منه ( بل ضلوا عنهم ) وإن شئت أدغمت اللام في الضاد . وزعم الخليل وسيبويه أن الضاد تخرج من الشق اليمين ولبعض الناس من الشق الشمال ( وذلك إفكهم ) "ذلك" في موضع رفع بالابتداء "إفكهم" خبره والهاء والميم في موضع خفض بالإضافة ومثله سواء في الإعراب والمعنى . قال الفراء : إفك وأفك مثل حذر وحذر أي هما بمعنى واحد . ويروى عن ابن عباس أنه قرأ ( أفكهم) على أنه فعل ماض والهاء والميم على هذه القراءة في موضع نصب ، وفي إسنادها عن ابن عباس نظر ولكن قرئ على إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة قال : حدثنا عطاء بن [ ص: 172 ] السائب قال سمعت أبا عياض يقرأ ( وذلك أفكهم) فعلى هذه القراءة يكون ( وما كانوا يفترون ) في موضع رفع على أحد أمرين إما أن يكون معطوفا على المضمر الذي في "أفكهم" ويكون المعنى وذلك أرداهم وأهلكهم هو وافتراؤهم إلا أن العطف على المضمر المرفوع بعيد في العربية إلا أن يؤكد ويطول الكلام لو قلت : قمت وعمرو ، كان قبيحا حتى تقول : قمت أنا وعمرو أو قمت في الدار وعمرو . والوجه الثاني أن يكون "وما كانوا يفترون" معطوفا على ذلك أي وذلك أهلكهم وأضلهم وافتراؤهم أيضا أهلكهم وأضلهم . والقراءة البينة التي عليها حجة الجماعة "وذلك إفكهم" أي وذلك كذبهم وما كانوا يفترون على هذه القراءة معطوف على إفكهم أي وذلك إفكهم وافتراؤهم تكون ما والفعل مصدرا فلا تحتاج إلى عائد لأنها حرف فإن جعلتها بمعنى الذي لم يكن بد من عائد مضمر أو مظهر . فيكون التقدير والذي كانوا يفترونه ثم تحذف الهاء ويكون حذفها حسنا لعلل منها طول الاسم وأنه لا يشكل مذكر بمؤنث وأنه رأس آية وأنه ضمير متصل ، ولو كان منفصلا لبعد الحذف ، وإن كان بعضهم قد قرأ ( تماما على الذي أحسن) بمعنى على الذي هو أحسن ، وتأول بعضهم قول سيبويه "هذا باب علم ما الكلم" بمعنى الذي هو الكلم ، وروى بعضهم "هذا باب علم ما الكلم" بغير تنوين على أنه حذف أيضا هو وفيه من البعد ما ذكرنا فإذا كان متصلا حسن الحذف كما قرئ ( وفيها ما تشتهي [ ص: 173 ] الأنفس) وتشتهيه ، وحكى أبو إسحاق "وذلك أأفكهم" أي أكذبهم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية