الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أرسلنا عطف على قوله تعالى: ولقد آتينا داود وسليمان علما مسوق لما سيق هو له، واللام واقعة في جواب قسم محذوف، أي: وبالله لقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا وإنما أقسم على ذلك؛ اعتناء بشأن الحكم و(صالحا) بدل من (أخاهم) أو عطف بياني، وأن في قوله تعالى: أن اعبدوا الله مفسرة لما في الإرسال من معنى القول دون حروفه.

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز كونها مصدرية حذف منها حرف الجر، أي بأن، وقيل: لأن، ووصلها بالأمر جائز، لا ضير فيه كما مر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 211 ] وقرئ بضم النون إتباعا لها للباء.

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا هم فريقان يختصمون أي: فاجأ إرسالنا تفرقهم واختصامهم، فآمن فريق وكفر فريق، وكان ما حكى الله تعالى في محل آخر بقوله سبحانه: قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      (فإذا) فجائية، والعامل فيها مقدر لا (يختصمون) خلافا لأبي البقاء ؛ لأنه صفة (فريقان) كما قال، ومعمول الصفة لا يتقدم على الموصوف، وقيل: هذا حيث لا يكون المعمول ظرفا، وضمير (يختصمون) لمجموع الفريقين، ولم يقل: (يختصمان) للفاصلة، ويوهم كلام بعضهم أن الجملة خبر ثان وهو كما ترى.

                                                                                                                                                                                                                                      و(هم) راجع إلى ثمود؛ لأنه اسم للقبيلة، وقيل: إلى هؤلاء المذكورين ليشمل صالحا - عليه السلام - والفريقان حينئذ أحدهما صالح وحده، وثانيهما قومه.

                                                                                                                                                                                                                                      والحامل على هذا - كما ذكره ابن عادل - العطف بالفاء، فإنها تؤذن أنهم عقيب الإرسال بلا مهلة صاروا فريقين، ولا يصير قومه - عليه السلام - فريقين إلا بعد زمان.

                                                                                                                                                                                                                                      وفيه أنه يأباه قوله تعالى: اطيرنا بك وبمن معك وتعقيب كل شيء بحسبه، على أنه يجوز كون الفاء لمجرد الترتيب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية