الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم .



قوله تعالى : أم يقولون افتراه الميم صلة ، التقدير : أيقولون افتراه ، أي : تقوله محمد . وهو إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحرا . ومعنى الهمزة في ( أم ) الإنكار والتعجب ، كأنه قال : دع هذا واسمع قولهم المستنكر المقضي منه العجب . وذلك أن محمدا كان لا يقدر عليه حتى يقوله ويفتريه على الله ، ولو قدر عليه دون أمة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة ، وإذا كانت معجزة كانت تصديقا من الله له ، والحكيم لا يصدق الكاذب [ ص: 173 ] فلا يكون مفتريا ، والضمير للحق ، والمراد به الآيات . قل إن افتريته على سبيل الفرض . فلا تملكون لي من الله شيئا أي لا تقدرون على أن تردوا عني عذاب الله ، فكيف أفتري على الله لأجلكم . هو أعلم بما تفيضون فيه أي تقولونه ، عن مجاهد . وقيل : تخوضون فيه من التكذيب . والإفاضة في الشيء : الخوض فيه والاندفاع . أفاضوا في الحديث أي : اندفعوا فيه . وأفاض البعير أي : دفع جرته من كرشه فأخرجها ، ومنه قول الشاعر [ ياقوت الحموي ] :

وأفضن بعد كظومهن بجرة



وأفاض الناس من عرفات إلى منى أي : دفعوا ، وكل دفعة إفاضة . كفى به شهيدا نصب على التمييز . بيني وبينكم أي : هو يعلم صدقي وأنكم مبطلون . وهو الغفور لمن تاب الرحيم بعباده المؤمنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية