الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وإن نقص ذراع أخذ بكل الثمن أو ترك ، وإن زاد فللمشتري ولا خيار للبائع ) ; لأن الذرع في المذروع وصف ; لأنه عبارة عن الطول فيه لكنه وصف يستلزم زيادة أجزاء ، فإن لم يفرد بثمن كان تابعا محضا فلا يقابل بشيء من الثمن فإذا قال على أنها مائة ذراع بمائة ، ولم يزد فوجدها أنقص كان عليه جميع الثمن ، وإنما يتخير لفوات الوصف المشروط المرغوب فيه كما إذا اشتراه على أنه كاتب فوجده غير كاتب ، وإن وجدها أزيد فللمشتري الزيادة ولا خيار للبائع كما إذا باعه على أنه معيب فإذا هو سليم .

                                                                                        وقد ذكر المشايخ في التفريق بين القدر وهو الأصل والوصف حدودا فقيل ما يتعيب بالتبعيض والتشقيص فالزيادة والنقصان فيه وصف وما لا يتعيب بهما فالزيادة والنقصان فيه أصل وقيل الوصف ما لوجوده تأثير في تقوم غيره ولعدمه تأثير في نقصان غيره والأصل ما لا يكون بهذه المثابة وقيل ما لا ينقص بالباقي لفواته فهو أصل وما ينقص الباقي بفواته فهو وصف ، وهذا مع الثاني متقاربان [ ص: 314 ] فبهذا علم أن القدر في المكيلات والموزونات أصل والذرع في المذروعات وصف وثمرة كون الذرع وصفا والقدر أصلا تظهر في مواضع منها ما ذكر في الكتاب .

                                                                                        ومنها أنه لا يجوز للمشتري التصرف في المبيع قبل الكيل والوزن إذا اشتراه بشرط الكيل والوزن ويجوز به في المذروع قبل الذرع سواء اشتراه مجازفة أو بشرط الذرع ، ومنها أن بيع الواحد باثنين لا يجوز في المكيلات والموزونات ويجوز في المذروعات ، كذا في المعراج إلا إذا بين لكل ذراع ثمنا ، فإنه لا يتصرف قبل الذرع كما في المحيط وفيه الوصف لا يقابله شيء من الثمن كما إذا أعور المبيع في يد البائع قبل التسليم لم يسقط شيء من الثمن ، وكذا إذا أعورت في يد المشتري فله البيع مرابحة بلا بيان إلا إذا كان مقصودا بالتناول حقيقة أو حكما إما حقيقة بأن قطع البائع يد العبد قبل القبض ، فإنه يسقط نصف الثمن ; لأنه صار مقصودا بالقطع والحكمي بأن يمتنع الرد لحق البائع كما إذا تعيب المبيع عند المشتري أو لحق الشرع كما إذا خاط المبيع بأن كان ثوبا ، ثم وجد به عيبا فالوصف متى كان مقصودا بأحد هذين الوجهين يأخذ قسطا من الثمن .

                                                                                        كذا في الفوائد الظهيرية وفي إيضاح الإصلاح وليس المراد من الوصف ما يوجب الحسن والقبح فيما قام به يفصح عن هذا قولهم إن الوزن فيما يضره التبعيض وصف وفيما لا يضره قدر مع عدم الاختلاف في الحسن والقبح ا هـ .

                                                                                        وظاهر قوله ، وإن زاد فللمشتري أن الزيادة تسلم له قضاء وديانة وحكى خلافا فيه في المعراج ، فقال في فتاوى النسفي وأمالي قاضي خان لا تسلم له الزيادة ديانة وفي شرح أبي ذر والجامع الأصغر عن أسد وأبي حفص وأبي الليث لا يردها ديانة وفي العمدة لو اشترى حطبا على أنه عشرون وقرا فوجده ثلاثين طابت له الزيادة كما في الذرعان ا هـ .

                                                                                        وفرع الحطب مشكل وينبغي أن يكون من قبيل القدر ; لأنه لا يتعيب بالتبعيض فينبغي أن تكون الزيادة للبائع خصوصا إن كان من الطرفاء التي تعورف وزنها بالقاهرة وفي الخانية رجل قال أبيعك هذا الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف وهو ثلاثة عشر ذراعا فإذا هو خمسة عشر ، فقال البائع غلطت لا يلتفت إليه ويكون الثوب للمشتري بالثمن المسمى قضاء وفي الديانة لا تسلم له الزيادة ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية