الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو قال كل ذراع بكذا ونقص أخذ بحصتها أو ترك ، وإن زاد أخذ كله كل ذراع بكذا أو فسخ ) لما قدمنا أنه ، وإن كان وصفا إذا أفرد بثمن صار أصلا وارتفع عن التبعية فنزل كل ذراع منزلة ثوب فإذا وجدها ناقصة خير ; لأنه لو أخذها بكل الثمن لم يكن آخذا كل ذراع بدرهم ، ولو وجدها زائدة لم تسلم له لصيرورتها أصلا فخير بين أن يأخذ الزائد بحصته وبين أن يفسخ لرفع الضرر عن التزام الزائد وأورد عليه ينبغي فساد العقد في صورة النقصان عند أبي حنيفة كما هو أحد قولي الشافعي للجمع بين الموجود والمعدوم كما إذا اشترى ثوبين هرويين فإذا أحدهما مروي وأجيب بأن الذرع ، وإن صار أصلا بإفراد الثمن هو وصف حقيقة فكان أصلا من وجه دون وجه فمن حيث إنه أصل لا تسلم له الزيادة ، ومن حيث إنه وصف لم يفسد العقد فيما إذا وجد ناقصا بخلاف تلك المسألة ، فإن الثوبين أصل من وجه .

                                                                                        وبهذا الجواب اندفع ما أورد من أنه ينبغي أن يكون أصلا ، وإن لم يفرد لكل ذراع ثمن ; لأنه لما قابل عشرة بعشرة مثلا انقسم الآحاد على الآحاد فيصير بسبب المقابلة كأنه أفرد ، وحاصل الجواب أنه لما اجتمع فيه الأصالة والوصفية جعلناه أصلا عند الإفراد ووصفا عند تركه صريحا عملا بالشبهين ، كذا في المعراج وأورد أيضا على القول بأصالته عند إفراد ثمنه لزوم امتناع دخول الزيادة في العقد كما في الصبرة مع أنكم جوزتم أخذ الجميع بحكم البيع وأجيب عنه للفرق بينهما وهو أن الزيادة لو لم تدخل في العقد فسد ; لأنه يصير بعض الثوب وأنه لا يجوز بخلاف الصبرة ; لأنها لو لم تدخل لم يفسد [ ص: 315 ] العقد كما في الفوائد الظهيرية أطلق في المذروع فشمل الثوب والأرض والحطب والدار ، فلو قال بعتك هذه الأرض على أنها ألف ذراع بألف فوجدها زائدة أو ناقصة فالبيع صحيح وله الزيادة بلا خيار وله الخيار مع النقصان ، وإن أفرد لكل ذراع ثمنا خير في صورة الزيادة وسقطت حصة النقصان ، كذا في البدائع قال وعلى هذا الموزونات التي في تبعيضها ضرر بأن قال بعت منك هذه السبيكة من الذهب على أنها مثقالان بكذا جاز البيع ، فإن وجدها أزيد أو أنقص فهو كالمذروعات .

                                                                                        وكذا إذا باع مصوغا من نحاس أو صفر فهو على هذا التفصيل المذكور ; لأن الوزن في مثله يكون ملحقا بالصفة ; لأن تبعيضه يوجب تعييب الباقي ، وهذا حد الصفة ، ولو باع مصوغا من الفضة وزنه مائة بدنانير ، ولم يسم لكل عشرة ثمنا على حدة وتقابضا جاز ، فإن وجده أزيد فالكل للمشتري ، وإن وجده أقل خير ، وإن سمى لكل عشر ثمنا على حدة بأن قال وكل وزن عشرة بدينار ، فإن وجده أزيد ، فإن علم قبل التفريق خير إن شاء زاد في الثمن ، وإن شاء ترك ، وإن علم بعده بطل بقدر الزيادة وله الخيار فيما بقي ; لأن الشركة فيه عيب إن وجده ناقصا خير قبل التفرق وبعده إن شاء رده ، وإن شاء رضي به بقسطه من الثمن ، وكذا لو باع مصوغا من ذهب بدراهم فهو على هذا التفصيل ، ولو باع مصوغا بجنسه مثل وزنه فوجده أزيد ، فإن علم بها قبل التفرق فله الخيار إن شاء زاد في الثمن قدرها ، وإن شاء ترك ، وإن علم بها بعد التفرق بطل لفقد القبض في قدرها ، وإن وجده أقل فله الخيار إن شاء رضي به واسترد الفضل ، وإن شاء رد الكل سواء سمى لكل وزن درهم درهما أو لا ; لأن عند اتحاد الجنس لا بد من المساواة ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية